وكالة الانباء الليبية
التحرير المحلي
طرابلس 27 أكتوبر 2013 ( وال ) - مرت الأسبوع الماضي الذكرى الثانية لسقوط النظام
السابق وتحرير ليبيا من طغيان تواصل ( 42 ) عاما وسط صمت رسمي وشعبي ملحوظين ، ودون
أية مظاهر احتفالية على غير العادة في السنة الماضية التي شهدت احتفالات شعبية كبرى
.
ويمكن إرجاع عزوف الليبيين عن إحياء هذه الذكرى إلى استمرار الفوضى الأمنية بوجه
خاص والانتشار الواسع للسلاح وعمليات الاغتيال وترويع المواطنين الآمنين والتناحر
القبلي والصراع الحزبي وإن كان ظاهرة صحية في اللعبة الديمقراطية إلا أنه انحدر في
الحالة الليبية إلى مستويات خطيرة طغت عليها المصالح الجهوية والشخصية الضيقة ،
وسادت فيها لغة التشكيك والاتهامات المتبادلة بالتآمر والتخوين.
ولعل عملية اختطاف رئيس الحكومة المؤقتة السيد " علي زيدان " وسط ظروف لا تزال
غامضة جدا حتى اليوم ألقت بظلالها على إحياء هذه الذكرى وجعلت الليبيين يفضلون
"الصمت" وربما اللامبالاة .
ولم تجد وسائل الإعلام المحلية والدولية ما تسطر به هذه الذكرى سوى الحديث عن غياب
الدولة وضعف الحكومة والمؤتمر الوطني العام أمام تغول التشكيلات والجماعات المسلحة
وتنكرها كلها لليبيا ، ولأحلام الليبيين في الحرية والأمن والأمان وبناء دولة
العدالة والقانون والمؤسسات بكل بساطة .
وبالرغم من الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد وهي - برأي المحللين - السبب
الأكثر حضورا في الأزمة الليبية إلا أن شرائح واسعة من الليبيين من الذين استطلعت
وكالة الأنباء الليبية (وال) آراءهم يعتقدون أن البلاد يمكنها الخروج من أزمتها
لسبب بسيط ، وهو تمسكهم ببناء دولة القانون والحقوق ، وبناء مؤسسات الدولة
الدستورية ، خاصة وأن ليبيا لديها موارد مالية هائلة تمكنها من توفير حياة مريحة
لسكانها الذين لا يتجاوز تعدادهم ستة ملايين نسمة.
وقد عبرت الناشطة الليبية " صالحة اشتيوي " في مداخلة تلفزيونية عن هذا الأمل في
بناء دولة ليبيا الجديدة ، وأن الليبيين الذين أسقطوا أكبر وأعمق ديكتاتورية في
العالم قادرون على هزيمة الميليشيات المسلحة ومن يقف وراءها ، معتبرة أن هذا هو
بداية النهاية لفوضى السلاح وإعاقة مشروع بناء الدولة".
ويقول المهندس " توفيق ابراهيم " المتخصص في أنظمة الاتصالات إن "الليبيين الذين
خرجوا بعد 42 عاما من الصمت لاقتلاع النظام الدكتاتوري بمساعدة من المجتمع الدولي
لن ترهبهم مجموعات إجرامية مسلحة اغتنمت فرصة فتح النظام السابق أبواب مخازن
ترسانته الحربية للعموم لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ، ولن ينتظروا 42 عاما أخرى
لبناء الدولة التي يحلمون بها".
وعبر الشاب عمران المرغني الذي يدير مقهى في حي قرجي الشعبي غرب العاصمة طرابلس عن
الأمل في الخروج من حالة الفوضى التي تعيشها البلاد.
وأضاف أنه التحق منذ بداية الثورة بأحد تشكيلات الثوار وبعد التحرير عاد لممارسة
نشاطه الطبيعي إلا أنه أكد على استعداده التام لحمل السلاح من جديد في وجه من وصفهم
بـ "الذين يقفون ضد مشروع بناء الدولة وتحقيق الأمن والرفاهية لليبيين ".
ويرى الدكتور بجامعة طرابلس أبو القاسم مسعود أن بناء نظام يبعد الفوضى وعدم
الاستقرار وانعدام الأمن عن ليبيا ليس بالمستحيل.
وقال "إن الذين يقفون وراء النزاعات الجهوية والقبلية للعودة بالبلاد إلى خمسينيات
القرن الماضي أي قبل نظام القذافي الدكتاتوري لن ينجحوا لأن الشعب الليبي وإن بدا
اليوم جامدا لا يتحرك سيهب من جديد لتصحيح مسار الثورة".
وحمل ابراهيم محمد وهو مهندس في مجال المعلوماتية الأحزاب المتناحرة تحت قبة
المؤتمر الوطني العام المسؤولية عن فوضى انتشار السلاح وانعدام الأمن بسبب دعمها
لميليشيات مسلحة تقف وراءها بحسب قوله.
ويرى بشير حمودة الناشط السياسي بإحدى مؤسسات المجتمع المدني الليبية أن غياب
الأحزاب والمؤسسات الدستورية والهياكل القانونية عن المشهد السياسي الليبي طيلة
أربعة عقود نتيجة سياسة القذافي التي اعتمدت إفراغ ليبيا سياسيا وفكريا ومجتمعيا
للسيطرة عليها دون منازع أتاح لمجموعات متشددة استولت على ترسانة النظام السابق أن
تنمو في طول البلاد وعرضها غير أنه يرى أن هذه الحركات لا مستقبل لها في ليبيا أو
غيرها لأنها لا تملك أي مشروع يلائم عصر الثورة المعلوماتية والتطور العلمي.
ولكن يبقى القلق والخوف حاضرين بقوة في أوساط الليبيين من المستقبل، في ظل حالة
الفوضى الراهنة، وغياب أية رؤية واضحة للتوصل إلى اتفاق ينقل البلاد من حالة الثورة
إلى حالة الدولة، وينتهي بإرساء أسس الاستقرار واستتباب الأمن والنظام، والذي لن
يتأتى إلا بانضمام الثوار الحقيقيين إلى مؤسسات الدولة الشرعية للمساهمة من داخلها
بشكل ديمقراطي في رفع تحديات بناء ليبيا الجديدة الديموقراطية.
( وال )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق