احتدمت
الأزمة السياسية في ليبيا بين رئيس الحكومة الانتقالية الدكتور علي زيدان،
وحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، بسبب
الزيارة التي قام بها زيدان إلى القاهرة قبل يومين. وبدأ
أن هذه الأزمة وصلت إلى ذروتها، بعد مطالبة مفتي ليبيا، الشيخ الصادق
الغرياني، لرئيس الحكومة الانتقالية بالاستقالة بسبب فشله في أداء المهام
الموكلة إليه، ومن جانبه صعد زيدان من وتيرة انتقاداته الحادة واللاذعة
لجماعة الإخوان، واتهمها بمعاداته ومحاربته. وكان منتظرًا
أن يعقد حزب العدالة والبناء مساء أمس، مؤتمرًا صحفيًا للرد على تصريحات
زيدان، فيما قال مسئولون في الحزب لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية اليوم
الأحد، إن هناك اتجاهًا قويًا لإعلان تجميد مشاركة الحزب في الحكومة،
وانسحابه منها خلال اجتماع سيعقده المكتب السياسي للحزب اليوم. ورفض
محمد صوان، رئيس الحزب، التعليق على هذه المعلومات، وقال: "إنه يفضل
الاتصال به في وقت لاحق، لافتًا إلى أن مصر جارة، ومحاذية لليبيا بحدود
طويلة ومرتبطة معها أمنًيا واقتصادًيا وثقافيا، بينما تعذر أمس الاتصال
ببشير سالم الكبتي المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا. وقال
زيدان: في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس بمقر الحكومة في طرابلس عقب عودته من
القاهرة: "ذهابنا إلى مصر تقتضيه المصلحة الوطنية، فمصر جارة، وتحدنا بحدود
طويلة، وتربطنا بها مصالح مشتركة، وإن ما حدث في مصر يعد شأنًا داخليًا لن
نتدخل فيه بأي حال من الأحوال".
وكشف
زيدان للمرة الأولى عن معاداة "الإخوان المسلمين" له، حتى قبل وصوله إلى
رئاسة الحكومة في شهر نوفمبر الماضي، مضيفا منذ ترشحي للبرلمان كانوا أكثر
الأشخاص محاربة لي جماعة الإخوان المسلمين، وحزب العدالة والبناء، وهذا ليس
سرًا، وعندما تقدمت لمنصب رئاسة الوزراء استماتوا في سبيل ألا أصل لهذا
الموقع، وهذا أيضا ليس سرًا، وعندما تسلمت الحكومة سعيًا للوحدة الوطنية
دعوتهم للمشاركة في الحكومة، وشاركوا على مضض، وخيرتهم بين الوزارات
فتسلموا وزارات النفط، والاقتصاد، والشباب، والإسكان، والكهرباء، ومنصب
نائب رئيس الوزراء من أجل أن تكون اللحمة الوطنية، وأن يكون هناك وفاق
وطني. وتابع قائلاً: "لا أحد يستطيع أن يزايد بأن رئيس
الحكومة ضعيف، وأداء الحكومة ضعيف، وإذا كان أداء الحكومة ضعيفًا فلديهم
"الإخوان" خمس وزارات، وهي وزارات مهمة، والوزراء موجودون ولهم مطلق الحرية
ومطلق الصلاحية". وبخصوص زيارته إلى مصر، قال زيدان: "لم
أذهب لأبارك أو أهنئ، ولكن لأتحدث في العلاقات الليبية- المصرية والمصالح
الليبية التي تربطنا بمصر للحفاظ على المصالح والمقدرات، وهي أموال
وممتلكات وعقارات وتعاقدات تقتضي منا أن نعالجها". وشدد
زيدان على أن زيارته إلى مصر تفرضها مصلحة ليبيا المقدمة على كل شيء، وأنه
لا يستطيع أن يرهن مصلحة ليبيا بمسائل عاطفية أو مزاجية أو انتماء، مؤكدًا
أن ما يحدث في مصر من تطورات يهم المصريين وحدهم، وأننا في ليبيا لسنا
معنيين بمن يحكم مصر، لأن ذلك شأن داخلي.
وردًا
على استياء حزب العدالة والبناء، وتبرمه من الزيارة، قال زيدان: "أنا زرت
مصر من أجل ليبيا، وأنا لست مرتبطًا بأي أحد في الخارج لا حزب ولا جماعة،
أنا أبايع ليبيا والشعب الليبي". وكشف زيدان خلفيات علاقة
حكومته مع مصر خلال تولي جماعة الإخوان المسلمين للسلطة، حيث قال "عندما
تسلمت الحكومة كان الرئيس المعزول محمد مرسي، رئيسًا لجمهورية مصر، وهشام
قنديل، رئيسًا لحكومتها، وبدأنا معهما علاقات وطيدة والتقيت بقنديل خمس
مرات، والتقيت الرئيس مرسي ثلاث أو أربع مرات. وأضاف
زيدان، بتنسيق مع الدكتور محمد المقريف، الرئيس السابق للمؤتمر الوطني
العام، تحملت أن أوقع على أن يودع محافظ البنك المركزي وديعة قدرها مليارا
دولار في البنك المركزي المصري، وهي ليست قرضًا، وحاولت أن أضغط على وزير
النفط وهو من حزب العدالة والبناء، ووصلنا لاتفاق على تزويدهم بالنفط في
عهد الرئيس مرسي، ووضعنا لهم تسهيلات في الأمر للدفع والضمانات التي
تقدم".
من جهة أخرى، رأى زيدان أن
المشاكل التي تواجهها ليبيا ليست بسبب إهمال رئيس الوزراء أو الحكومة،
لكنها بسبب الوضع الصعب والمعوق الذي يواجه الحكومة، والذي لا يساعد على
الانطلاق ويحتاج إلى الصبر. وقال زيدان: "نحن موجودون في
هذا الموقع لأننا قررنا أن نكون فيه من أجل ليبيا ويجب أن نتحلى بالصبر
وسعة الصدر، فلا أحد يستطيع أن يزايد على أداء رئيس الحكومة وحكومته، ذلك
أن لدى وزرائها مطلق الحرية والصلاحيات"، مشيرا إلى أنه لم يعرقل عمل أي
وزير في أي أمر، وإن كان هناك من يقول غير ذلك فليقدم الأدلة على ذلك. وكشف
زيدان النقاب عن أن كل المسؤولين المصريين أكدوا له أن مصر لن تكون
منطلقًا لأي عمل مضاد لليبيا، ولا سببًا في زعزعة أمنها، مجددين تأكيدهم
على التعاون الوثيق في الجانب الأمني ضد تهريب السلاح والمخدرات وضد
المجموعات الإرهابية التي تتجاوز الحدود.
المصدر: صدى البلد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق