الجزيرة نت - خالد المهير - طرابلس:
أثارت زيارة رئيس الحكومة الليبية علي زيدان للقاهرة الخميس الماضي،
ومصافحته لقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي غضبا داخل ليبيا، حيث
رأى فيها الإخوان المسلمون مناصرة صريحة لمصادرة الشرعية، فيما عدها البعض
انحيازا "لرجل ارتكب جرائم ضد الإنسانية". وكان علي زيدان
عاد أمس الجمعة إلى طرابلس بعد زيارة مفاجئة لمصر التقى خلالها كبار
المسؤولين وفي مقدمتهم وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي.
واعتبر حزب العدالة والبناء الليبي أن الزيارة تحمل في طياتها مباركة
واعترافا صريحا بالانقلاب وقادته، قائلا إنها تأتي في إطار مناورة سياسية
لخلط الأوراق وشغل الرأي العام عن قضايا الداخل. وأكد
الحزب -الذي يحتفظ بخمس حقائب وزارية في حكومة زيدان- رفضه الانقلابات
العسكرية واحترامه لحقوق الإنسان مثل "كل الأحرار والشرفاء".
خطأ سياسي
من
جانبه، وصف القيادي في جماعة الإخوان المسلمين ونيس الفسي الزيارة بأنها
"خطأ سياسي" وتأييد صريح للثورات المضادة، قائلا إنه كان على زيدان التريث
والتشاور مع المؤتمر الوطني العام (البرلمان). وقال الفسي
للجزيرة نت إن زيدان بزيارته للقاهرة يساهم في تعقيد الأزمة الليبية
الداخلية، على اعتبار أن الشعب الليبي منقسم بين مؤيد ومعارض لما جرى بمصر. واعتبر الفسي أن رئيس الحكومة الليبية خلع عنه ثوب الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان الذي اشتهر به. من جانبه، رأى عضو المؤتمر الوطني العام عن حزب العدالة والبناء محمد خليل الزروق أن زيدان يهدف من خلال الزيارة لتأخير إقالته. كما انتقد رئيس مركز دعم صنع القرار فرج نجم زيارة زيدان "لقائد انقلاب عسكري ورجل ارتكب جرائم ضد الإنسانية"، في إشارة إلى السيسي.
واعتبر نجم أن زيدان أراد من خلال زيارته للقاهرة إيصال رسالة لإخوان
ليبيا مضمونها "لقد وضعت يدي في يد من أسقط حكم الإخوان في مصر"، قائلا إن
هذا الطرح سطحي وساذج.
أزمات الداخل
ويرى
رئيس مركز دعم صنع القرار أن زيدان "هرب" إلى القاهرة من أزمات الداخل،
خاصة في العاصمة طرابلس التي تسبح في ظلام دامس وتعاني من انقطاع المياه
منذ عدة أيام. أما أستاذة العلوم السياسية في جامعة
بنغازي أم العز الفارسي فرأت أن عدم التنسيق بين المؤسستين التشريعية
والتنفيذية في ليبيا يعكس عجزا سياسيا وتغليبا للمصالح الحزبية على مصلحة
الوطن. وتعليقا على الزيارة، قالت الفارسي "ما يعنيني أن
الحدود المصرية متنفس مهم لليبيا وقاطرة لحركة الليبيين ومجال حيوي أولى
بالتركيز عليه من السياسة الخارجية الليبية". وصرحت للجزيرة نت بتأييدها لزيارة زيدان للقاهرة بشرط أن تكون المصلحة الوطنية وتأمين الحدود في صدارة اهتمامه.
أما إذا كانت مجرد رد فعل على إصرار تيار الإخوان على إسقاط زيدان، فإنها
ستكون بمثابة مسمار في نعش حكومته، لأن الليبيين يدركون ماذا يريدون، حسب
الفارسي.
دفاع
في المقابل، دافع عضو المؤتمر الوطني العام أحمد لنقي بشدة عن الزيارة، وأكد أن ليبيا ليس لها دخل في الشأن الداخلي المصري".
وشدد لنقي على أهمية التعاون الوثيق مع مصر في ملفات الأمن والحدود
وملاحقة من أطلق عليهم "أعداء الثورة" دون التوقف عند هوية حكومتها. وأكد
أن علاقات ليبيا بمصر أقوى في عهد محمد مرسي منها في الوقت الحالي، واصفا
الحديث عن تأييد ليبيا للانقلاب بأنه "تفاهات". وقد
اعتذرت عدة جهات حكومية عن التعليق على الزيارة بحجة "حساسية الموضوع"، لكن
زيدان نفسه شدد على أن زيارته للقاهرة تهدف أساسا لتأمين الحدود الليبية.
وذكّر زيدان بأنه سافر إلى مصر إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي عدة
مرات وتحمل مسؤولية إيداع 1.5 مليار دولار في البنك المركزي المصري حينها,
وشدد في مؤتمر صحفي عقده بالأمس على أن مصالح ليبيا أكبر من أي حزب سياسي.
المصدر:الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق