يقول
محللون ليبيون وأجانب ان الاضطرابات في مناطق ليبية والتي تغلق مواني
نفطية هي صورة مصغرة لاجواء الفوضى التي تعم البلاد وتقوض سلطة الحكومة
المركزية المهتزة التي يرأسها علي زيدان. وفي حين يسيطر
نشطاء يطالبون بحكم ذاتي لمنطقتهم على مواني في شرق ليبيا فإن الهيئة
التشريعية في العاصمة طرابلس بغرب البلاد ينتشر فيها الحديث الذي يوحي بعدم
الثقة في زيدان. ويقول المحللون ان جماعة الاخوان
المسلمين تكتسب فيما يبدو نفوذا وسط الازمات التي تهز البلاد وان إطاحة
الجيش في مصر بالرئيس الاسلامي محمد مرسي ربما دفعت بعض الليبيين المتشددين
الي تصعيد العنف ضد منتقديهم العلمانيين. ويجلب الاخوان
والاسلاميون الاكثر تشددا الذين ينشطون في بضع دول في ارجاء لمنطقة نموذجا
مسيسا للاسلام غريب على الممارسات الدينية التقليدية في المنطقة. لكن
المحللين يقولون ان ليبيا منقسمة بشدة على اسس سياسية واقليمية وقبلية بعد
عامين من الاطاحة بمعمر القذافي بحيث لا يمكن لأي جماعة ان تكون لها
السيطرة بشكل فعال. وحتى العوامل الظاهرة للعيان مثل حالة
الامن في طرابلس فانها مائعة لدرجة ان السكان لا يمكنهم الاتفاق بشانها.
وقال محلل لرويترز بالهاتف "انه (الامن) تحسن". وقال اخر "لقد كان في حالة
سيئة جدا الاسبوع الماضي مع وقوع الكثير من الهجمات". وقال
هنري سميث من مجموعة كنترول ريسكس للاستشارات "ليبيا أسيرة بشكل اساسي
لجماعات مصالح اقليمية ومحلية... الحكومة ليس لديها فعليا القدرة المسيطرة
التي تمكنها من وقفهم". وحصار المواني وهو عامل مهم في
هبوط صادرات النفط الليبية بنسبة 70 بالمئة مصدره في الغالب نشطاء محليون
يهدفون للسيطرة على الايرادات النفطية لمصلحة منطقة الحكم الذاتي التي
يريدون اقامتها في برقة بشرق ليبيا. والمنطقة التي مركزها
بنغازي كانت منافسا تقليديا للعاصمة الليبية طرابلس في الغرب وحصار
المواني هو اكثر الخطوات القوية التي اتخذها الساعون الي الحكم الذاتي للحث
على تنفيذ مطالبهم للسيطرة على الثروة النفطية في منطقتهم. وقال
صلاح جودة نائب رئيس لجنة الامن القومي بالبرلمان في طرابلس "انهم يتحدثون
عن اسلوب فدرالي لادارة البلاد." وامتنع عن مناقشة هذا الجانب السياسي في
المواجهة. وتأججت النزعة المناطقية ايضا في منطقة فزان
الجنوبية حيث بدأت قبائل محلية في المطالبة بحكم ذاتي لمنطقتهم مع إتهامها
طرابلس بعدم امدادهم باموال كافية. ومن الصعب على الهيئة
التشريعية (المؤتمر الوطني العام) ان تتعامل مع هذه التحديات لانها محصورة
في مواجهة بين اكبر كتلة فيها وهي تحالف القوى الوطنية العلماني وثاني أكبر
كتلة والتي يقوها الاخوان المسلمون. ويقاطع التحالف رسميا المؤتمر الوطني العام لكنه يحضر الجلسات احيانا مما يجعل الليبيون في حيرة مما يحدث في مجلسهم النيابي. ويشير
محللون في طرابلس ايضا الي ان مصير زيدان غير مؤكد بعد ان بدا ان اعضاء
المؤتمر الوطني العام مستعدون للدعوة الي إقتراع على الثقة فيه. واستقال كل
من نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية هذا الشهر بسبب خلافات معه. وأبلغ
زيدان المؤتمر الوطني يوم الثلاثاء انه لن يستقيل وان عليهم ان يقترعوا
بحجب الثقة عنه إذا أرادو رحيله. وقال محلل في طرابلس طلب عدم نشر اسمه
"ذكرت اسماء اخرى لتحل محله لكن لا أحد تقدم... ولذلك لم يجر أي إقتراع". وقال
خبير ليبي اخر طلب ايضا عدم نشر اسمه ان حزب العدالة والبناء الذراع
السياسي للاخوان المسلمين زاد نفوذه في المؤتمر الوطني العام منذ ان بدأت
مقاطعة التحالف. واضاف قائلا "المؤتمر الوطني العام يفقد شرعيته". وعزز
نوري ابوسهمين رئيس المؤتمر الوطني -وهو عضو مستقل- نفوذ الاخوان المسلمين
في طرابلس بجلب رجال مما يعرف بميليشيا درع ليبيا لتدعيم الامن في العاصمة
بعد موجة من اعمال العنف هناك. وقال الخبير "انهم في معظمهم من مصراته وتحت قيادة عضو بالاخوان المسلمين". وفي
غياب جيش وشرطة ذات فعالية يتعرض الامن في طرابلس للاختبار من جانب
ميليشيات متنافسة كثيرا ما تشتبك مع بعضها البعض من اجل السيطرة على اجزاء
من المدينة. وقال كل من سميث والخبير الليبي ان بنغازي
ثاني اكبر مدينة في ليبيا شهدت زيادة في العنف في الاسابيع القليلة الماضية
ضد نشاء سياسيين علمانيين يبدو انها غذتها جزئيا قوى اسلامية هناك. لكن
سميث أكد ان هذا لا يعني ان هناك ائتلافا اوسع للمصالح في الشرق بين
الاخوان المسلمين والفدراليين لأن الاسلاميين يعتبرون الفدراليين مصدرا
للانقسام. وقال جودة المسؤول الامني بالمؤتمر الوطني
العام إن مجرمين هاربين يستهدفون ايضا مسؤولين بالهيئة القضائية ويشنون
هجمات على محاكم بدافع الانتقام من ايداعهم السجون وتدمير أي سجلات عن
ماضيهم خلف القضبان. وعبر الخبير الليبي عن مخاوف من ان
النفوذ المتنامي للاخوان المسلمين وغيرهم من الاسلاميين قد يؤدي الي ظهور
منطقة للجهاديين قرب الحدود المصرية قد يستخدمها اسلاميون مصريون هاربون
كقاعدة ضد بلدهم. ويعتقد سميث ان القبائل المحلية ستعارض
أي "قاعدة خلفية" مثل تلك التي يبدو ان متشددين مصريين اقاموها في شبه
جزيرة سيناء لأن ذلك قد يؤدي الي إغلاق الحدود مع مصر والتي تريد تلك
القبائل ان تبقى مفتوحة امام التجارة. وقال المحلل الذي
حذر من المخاطر إن كثيرين من الليبيين يأملون بأن تتمكن طرابلس من ممارسة
قدر أكبر من السيطرة حال الانتهاء من صياغة دستور جديد لكنه اضاف انه سيكون
هناك حاجة الي المزيد من العمل. ومضى قائلا ان عدم
الاستقرار في ليبيا "سيستمر على الارجح الي ما بعد الدستور... الناس
يحتاجون لاستعادة الثقة في الدولة والدولة تحتاج الي اعادة تأكيد نفسها
بطريقة ما وكل ذلك سيستغرق الكثير من الوقت".
المصدر: توم هينيجان - رويترز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق