في ليبيا، شاهدت على مدى عام ونصف شبابا خرجوا من عباءة الاخوان المسلمين واصبحوا يكنون لهم أشد العداء بإطلاق تصريحات معادية.
لقد رحب الليبيون، الذين لم يصوتوا لصالح الاسلاميين، بالإطاحة بالرئيس مصري محمد مرسي.لكن عندما يتحدث ليبيون هكذا، فلا تملك سوى التساؤل عن الذي سيقومون بثورة ضده، فهم ليس لديهم شخصية مركزية يتخلصون منها وليس لديهم جيش يتحدثون معه.
كما أنهم حاليا غير سعداء إلى حد كبير بالمؤتمر الوطني العام، المجلس التشريعي، الذي انتخبوه قبل ما يربو على عام، فضلا عن عدد لا حصر له من الألوية والميليشيات المنتشرة في البلاد.
انقسام أيدولوجي
في أعقاب الاطاحة بالرئيس مرسي قال أحد النشطاء الليبيين، ويدعى إبراهيم، سبق ومثل أمام محاكم بنغازي احتجاجا على حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، "ما حدث في مصر سيحدث في ليبيا."لقد شهدت ليبيا بعد ثورتها احتجاجات موالية للحكومة ضد أعمال العنف.
وهو لا يرى تدخل الجيش في مصر انقلابا عسكريا، بل قال خلال مقابلة هاتفية لبي بي سي من بنغازي "لقد فعلوا ذلك رغبة في حماية إرادة الشعب."
لكن هناء جلال، محامية من بنغازي مهد الثورة الليبية، ترى القضية في مصر بمثابة وجهين لعملة واحدة.
فهي تعتقد، كناشطة، ان المصريين وقفوا ضد مرسي "من اجل الكرامة والديمقراطية الحقيقية، لأن الديمقراطية لا يتوقف عند صناديق الاقتراع."
في حين ترى الامر، كقانونية، ان تدخل الجيش ليس فكرة جيدة "لانهم الان اصبحوا طرفا في الصراع، والجيش ينبغي له ان يتحلى بالحيادية."
وعلى الرغم من ذلك يتفق ابراهيم وهناء على شيء واحد، اذ يعتقدون ان مصر المنقسمة ايدلوجيا وهي على شفا حرب أهلية قد تعبر الحدود.
وتقول هناء "إن لم تستقر مصر، فلك ان تتخيل ما الذي سيحدث في ليبيا. نحن نعتمد عليها في تأمين حدودنا المشتركة لأننا لا نملك جيشا ينهض بهذه المهام."
بوادر حرب أهلية
والى الغرب من ليبيا اتخذ التونسيون خطوة اضافية، فيبدو انهم يحاكون ما فعلته مصر واطلقوا حملة "تمرد" على غرار حملة نظيرة دشنها نشطاء في مصر استطاعوا من خلالها حشد الملايين خرجوا الى الشوارع.ويشعر طيب موعلى، مراسل تونسي محلي لاحدى الصحف الفرنسية وأحد أشد المعارضين للرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي اطاحت به البلاد، يشعر بحيرة تجاه الاحداث الاخيرة.
وقال لي من تونس "الوضع غير واضح المعالم، كان واضحا وسهلا لكنه الان غير ذلك."
وعلى الرغم من كون الموعلى لا يرى الاطاحة بمرسي انقلابا بالمعنى التقليدي – لان الملايين دعمت اجراء الجيش – فهو في ذات الوقت لا يعتقد ان الجيش تدخل من اجل الديمقراطية او لحماية الشعب.
واضاف "هناك بوادر حرب أهلية، انه امر ممكن لان (الاطاحة) ستجعل مرسي اكثر شعبية بين انصاره وقد تؤدي الى زيادة تشدد جماعة الاخوان المسلمين."
وعلى الرغم من كون الانتخابات التونسية ابرزت ايضا حزبا اسلاميا معتدلا، هو حزب النهضة، والذي تسبب في بعض الاضطرابات المحدودة، لا يتصور الموعلى تكرار ما حدث في مصر في بلاده.
وقال "على نقيض مصر، جيشنا ليس من تقليده الانخراط في السياسة، وليس لدينا اي قادة يتمتعون بخلفية عسكرية."
واضاف "يعتبر حزب النهضة اكثر تصالحا من حيث توليه السلطة، فهناك حكومة ائتلافية هنا. كانوا اذكياء لانهم فهموا انهم لا يمكنهم ان يحكموا بمفردهم."
هذا من دون شك هو ما اخفق فيه الرئيس المصري المعزول.
تتقارب الثورات فيما بينها من حيث الرغبة في احداث تغيير عميق.
وفي واقع الامر تحدث الثورات في اعقاب فترة اضطرابات وحيرة بشأن الخطوات الواجب اتخاذها، وكيفية اتخاذها ومن هو الشخص المؤهل للنهوض بهذه المهمة.
لقد أثمرت الثورات، في هذه الدول الثلاث، عن بزوغ نجم الاسلام السياسي. وكيفية تناول جميع هذه العناصر سيحدد سلاسة الطريقة التي تسير بها الفترة الانتقالية.
بي بي سي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق