الثلاثاء، 11 يونيو 2013

#ضغط_الدم.. مخاطره وسبل الوقاية منه

أسامة أبو الرب
يعد مرض ارتفاع ضغط الدم من الأمراض الشائعة التي تسجل معدلات مرتفعة في العالم خاصة لدى الدول المتقدمة، مما جعل البعض يعده مرض العصر الذي يرتبط بنمط الحياة غير الصحي. وينبه الأطباء إلى خطورة ضغط الدم فيصفونه بالقاتل الصامت الذي يعيث في جسد المصاب فسادا لسنوات قبل أن يُكتشف بعد فوات الأوان وحدوث الضرر الدائم بأعضاء الجسم.
ويشرح استشاري أمراض القلب والقسطرة في مؤسسة حمد الطبية الدكتور عمر التميمي أن ارتفاع ضغط الدم هو مرض يحدث عندما ترتفع قياسات ضغط الدم عن المعدل الطبيعي، منوها إلى أن ضغط الدم ليس قراءة أو رقما ثابتا، بل هو قيمة تختلف بين الصباح والمساء والنشاط والراحة، كما يتأثر بالجانب النفسي والذهني للشخص ونوعية طعامه ونمط حياته كممارسته للتدخين.
ويفصّل التميمي في حديث للجزيرة نت أن معظم الأطباء يرون أن الضغط الصحي هو 120 على 80، ولكن ذلك لا يعني أن القراءات التي هي أعلى من ذلك ليست طبيعية، فالأمر يعتمد على طبيعة الشخص والفترة التي يستمر فيها ضغطه مرتفعا، وكل ذلك لا يمكن تحديده والحكم عليه إلا عبر مراجعة الطبيب القادر على تمييز ارتفاع الضغط المؤقت والعارض من المرضي المزمن.
ويؤكد التميمي -الحاصل على البورد الألماني في أمراض القلب والقسطرة- أن تشخيص المرض لا يكون عبر قياس ضغط الدم لمرة واحدة فقط، بل يجب أخذ عدة قراءات على فترات مختلفة، مع ضرورة أن يمتنع الشخص عما يرفع ضغطه قبل القياس. وهو ينصح بأخذ أربع قراءات يوميا للضغط، في الصباح وظهرا ومساء وقبل النوم، وذلك على مدار ثلاثة أيام، وتسجيل هذه القياسات وإحضارها للطبيب.
د. التميمي: تشخيص المرض لا يكون عبر قياس ضغط الدم لمرة واحدة فقط، بل يجب أخذ عدة قراءات على فترات مختلفة (الجزيرة نت)
القاتل الصامت
وعن سبب تسمية المرض بالقاتل الصامت أشار التميمي -الذي يحمل أيضا البورد الألماني في الباطنية- إلى أن الشخص قد يكون مصابا بالمرض منذ سنين، ولكنه لا يشعر به أو يعرف بإصابته لعدم وجود أعراض، وتكون النتيجة تطور المرض وتسببه بالمضاعفات التي لا تظهر إلا بعد سنوات، وعندها يكون الضرر قد أصاب الأعضاء الحيوية كالقلب والدماغ والكلى. مشيرا إلى أن معدلات الإصابة بالمرض في العالم العربي تتراوح بين 25% و30%.
وتشمل مضاعفات ضغط الدم في حال عدم علاجه حدوث تغيرات في بطانة الشرايين تجعلها تفقد مرونتها وتغدو أكثر صلابة، كما يؤدي إلى جعلها أكثر قابلية واستعدادا لمراكمة الكوليسترول على جدرانها مما يؤدي لتضيقها. ومع تطور التضيق قد ينغلق الشريان تماما مما يؤدي إلى انقطاع وصول الدم للعضو المعني، فإذا كان القلب أصيب الشخص بجلطة، وإذا كان الدماغ تعرض لسكتة دماغية.
ويضيف التميمي أن ارتفاع ضغط الدم يؤدي لتدمير الأعضاء كالكلى والقلب والعين بسبب الضغط المرتفع الذي تتعرض له، والذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى انفجار شريان وحدوث نزيف في الدماغ مثلا، مما يؤدي إلى حصول سكتة دماغية ناجمة عن النزيف.  
ويؤكد الاستشاري الأول في أمراض السكري والغدد الصماء بمؤسسة حمد الطبية الدكتور أمين الجيوسي أن العوامل الوراثية تلعب دورا رئيسيا في الإصابة بارتفاع ضغط الدم، حيث إن إصابة الأب أو الأم بالمرض ترتبط بارتفاع احتمالية حدوثه لدى الأبناء. ولذلك فإن ارتفاع ضغط الدم ينتشر في عائلات أكثر من غيرها، كما هو أكثر شيوعا لدى السود منه لدى البيض.
ويشرح الجيوسي -وهو أستاذ مساعد في كلية طب وايل كورنيل قطر- في حديث للجزيرة نت أن الدراسات الجينية تمكنت من التعرف على عدة جينات شديدة الارتباط بارتفاع ضغط الدم، كما تبين أيضا أن أطفال الآباء والأمهات من ذوي الضغط المرتفع يعانون من بعض الاستجابات غير العادية في الأوعية الدموية.
ويعد ارتفاع ضغط الدم المستمر وغير المسيطر عليه عاملا أساسيا في تطور مضاعفات مرض السكري المتمثلة في اعتلال شبكية العين، وخلل في وظائف الكلى، وأمراض الشريان التاجي، واختلال الأوعية الطرفية في الساقين والذراعين.
د. الجيوسي: مضاعفات المرض تشمل اعتلال شبكية العين، وخللا في وظائف الكلى، وأمراض الشريان التاجي، واختلال الأوعية الطرفية في الساقين والذراعين (الجزيرة نت)
نمط الحياة
وبشأن الوقاية من المرض يشير الدكتور الجيوسي -زميل كلية أطباء الغدد الصماء الأميركية- إلى ضرورة القيام بعدة تغييرات وتعديلات في نمط الحياة، تشمل خفض الوزن الذي يعد عاملا أساسيا ومهما في الوقاية وأيضا علاج ضغط الدم والسكري والسيطرة عليهما، إذ إن تخفيف الوزن قد يؤخر استعمال الأدوية لمدة طويلة او قد يغني عنها، كما يقلل من حصول المضاعفات.
وتتضمن التعديلات أيضا العادات الغذائية، إذ يعد الغذاء الصحي المناسب عاملا مهما في السيطرة على كلا المرضين، وذلك عبر التقليل من ملح الطعام، فالصوديوم في الملح يؤدي لحصر كميات كبيرة من الماء مما يؤدي إلى زيادة حجم الدم وبالتالي زيادة ضغطه على الاوعية الدموية. لذلك على الشخص الحذر من زيادة استخدام الملح في الطعام والتقليل منه إلى أقصى حد. كما من المهم الاعتدال أو التقليل من الكافيين في المشروبات لأنه قد يزيد من ارتفاع ضغط الدم ويفاقم أمراض القلب.
وينصح الجيوسي أيضا بممارسة الرياضة لأنها تساعد في الوقاية من المرض، كما تعد علاجا مكملا عند الإصابة به. مشيرا إلى ضرورة مراجعة الطبيب قبل البدء بممارسة الرياضة لتحديد النوع المناسب منها وشدته والمدة الزمنية. فالرياضة يجب أن تتناسب مع عمر المريض و قابليته البدنية، كما من الأفضل أن تكون يوميا. مؤكدا على أن المشي لنصف ساعة يوميا يعد من أفضل الأنشطة الرياضية، التي يمكن أن تشمل أيضا السباحة واستعمال الدراجة الثابتة مع بعض الحركات الأرضية.
ويؤكد الطبيب أيضا على ضرورة الإقلاع عن التدخين لما لهذه العادة السيئة من أضرار مباشرة على صحة الفرد تشمل الرئتين والقلب وارتفاع ضغط الدم وانخفاض مناعة الجسم.
ويشير الاستشاري الأول في الطب العام بمؤسسة حمد الطبية الدكتور أحمد العاني إلى أن ضغط الدم من الأمراض الشائعة الذي يبلغ عدد مصابيه حوالي 1.5 مليار شخص، ورغم الجهود العظيمة المبذولة للعلاج لا تتجاوز نسبة النجاح في معالجه المرض في كثير من الدول المتقدمة 25% إلى 45%، ويعد المرض أحد أهم أسباب الإصابة بتصلب الشرايين.
د. العاني: من الأدوية التي تؤدي لارتفاع الضغط مسكنات الألم كالبروفين والفولتارين وحبوب منع الحمل والكورتيزون (الجزيرة نت)
إستراتيجيات السيطرة
ويلفت العاني -وهو أستاذ مساعد في كلية طب وايل كورنيل قطر- إلى أن إستراتيجيات السيطرة على المرض تتضمن تقليل تناول الصوديوم في الطعام ومكافحة التدخين والسمنة وتقليل الدهون مع زياده النشاط الرياضي. إذ يمكن لهذه الوسائل أن تؤخر الاصابة بالمرض وتقلل مضاعفاته التي تشمل الشلل النصفي واحتشاء العضلة القلبية وعجز الكليتين وعجز القلب إضافة إلى الضعف الجنسي.
ويشرح الطبيب أن الأبحاث تشير إلى أن علاج هذا المرض يقلل الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 42%، والجلطة القلبية بمعدل 15%، وعجز القلب بنسبة 48%.
وينصح العاني في حديث للجزيرة نت بالالتزام بنظام غذائي منخفض المحتوى من الدهون وملح الطعام، مع الإكثار من تناول الخضروات والفواكه. مشيرا إلى أن أحد أهم مصادر الصوديوم الأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة والمخللات والتسالي كرقائق البطاطا.
ويقترح الاستشاري أن تكون ممارسة الرياضة كالمشي أو ركوب الدراجة الهوائية أو السباحة لمدة تترواح بين 30 و60 دقيقة، بمعدل أربعة إلى سبعة أيام في الأسبوع إن أمكن. مشددا على ضرورة الامتناع عن التدخين وخفض الوزن إلى الحد الذي يحدده الطبيب.
وبشأن علاقة الأدوية بضغط الدم وضح العاني أن هناك الكثير من الأدوية التي تؤدي لارتفاع الضغط وأهمها مسكنات الألم كالبروفين والفولتارين، وحبوب منع الحمل، والأدوية التي تحتوي ماده الكورتيزون وبعض الأدوية المستخدمة لعلاج الرشح والتي تحتوي ماده نورادرينلين أو مشتقاتها. لذلك يتوجب على المصاب بارتفاع ضغط الدم إبلاغ الطبيب بذلك لتجنب استعمال الأدوية التي تؤدي إلى ارتفاع ضغطه.
المصدر:الجزيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق