بنغازي
تنزف مرة أخرى بفعل أبنائها وتجرح وتحرج ليبيا بعد فيدرالية أعلنت ويرفضها
أهل الشرق الشرفاء الذين يعون جيدا المعنى الحقيقي لهذا، ولما سوف تجلبه
هذه الفدرالة لليبيا.. وفي هذا الوقت بالذات بعدما أصبحت ليبيا تعيش في
دوامة لا تنتهي وتتعالى فيها أصوات الفتنة والحقد مجددا بين سكان هذه
المدينة التي هي مزيج من كل قبائل ليبيا تقطنها من سنين وسنين في ألفة وود
وتراحم ولمن لا يعلمون اقول لهم ان جل سكان مدينة بنغازي تعود اصولهم الى
المنطقة الغربية جاءوا إليها للبحث عن الرزق والأمن فسكنوا فيها وسكنت هذه
المدينة بداخلهم ورسمت تضاريسها في قسمات وجوههم ووجدانهم.
ما زلت أتعجب لتبقى لحظة التعجب تلفها حيرة واستنكار،
بسبب ما يردده البعض ممن اتخذوا من الفتنة مهنة واسترزاقا ابان الأزمة
الليبية وحتى هذه اللحظة والتي جعلت من ليبيا الوطن مسرحية هزلية تطالعنا
بفصول مشاهدها دامية دونما ان ينزل الستار ليقف الجمهور ونخرج من مشاهد
اللا وعي التي فاقت فهمنا وتجاوزت حد المنطق والمقبول لدينا. فهم يرددون
بكل تزييف للحقيقة بأن بنغازي كانت منسية وأنها كانت مضطهدة، وكانت تعاني
من التجاهل بسبب المركزيه والى ما هو ذلك، وبالفيدرالية حسب زعمهم سوف تحل
مشكلة المركزية الفاشلة وما ينتج عنها من ظلم وتهميش للأطراف والأقاليم في
دولة كليبيا مترامية الاطراف وكبيرة بمساحتها الجغرافية، لان هناك على حد
تعبيرهم تنافسا وحساسيات بين المدن وصراع تعرض بعضها للاضطهاد من قبل
النظام الساب، لذلك أخذ من أسموا انفسهم بالثوار 17 فبراير ذلك على عاتقهم
لارجاع حقوق بنغازي ومنطقة الشرق بالكامل ليكون الحل هو تطبيق الفيدرالية
في ليبيا من أجل حماية الوحدة الوطنية وتحقيق العدالة المناطقية وتحميل
سكان المناطق مسؤولياتهم السياسية والإدارية عن تطوير أنفسهم وتنمية
منطقتهم بأنفسهم حتى لا تشعر أي مدينة بتجاهل.
حقيقة لا ادري ما الفرق فانا اعلم ان الذي يدير في
المناطق شؤونها الاجتماعية والسياسية والثقافية وفق مؤتمرها وتتدارس ما
يتعلق بها كان هذا ايضا موجودا في عهد النظام السابق، وكلنا كمواطنيين
ليبيين ندرك هذا ونعي تمام الوعي ايضا الاسباب، ومن اين كان الخلل والسرقات
والتجاوزات التي اتخذ منها من اسموا انفسهم بثوار ليبيا حجة لما فعلوا
وحقيقة ان ما اسمعه وما يكتبه ويردده البعض انه بالعودة لدستور
المملكة1951الذي تتألف من ثلاث ولايات هي طرابلس (غرب) وبرقة (شرق) وفزان
(جنوب غرب)، ويعتقد بل يجزم البعض في تعنت تعصبي لا يرتقي لمستوى الحقيقة
في شيء ان هذه الولايات كانت تتمتع بحكم ذاتي ونزيه ابان تلك الفترة الا ان
جل الليبيين يعرفون انه هذا الامر عار من الصحة والتاريخ يشهد على ذلك
جيدا، فكل هذه الاقاليم كانت تأخذ من المندوب السامي الانكليزي اوامرها تحت
غطاء قال الملك واصدر الملك فرمانا أو مرسوما. وما الدولة الليبية
والاستقلال الذي كان الا مجرد اجراء شكلي ومؤطر وفق اتفاقيات بين الغرب
والملك الليبي الأول.. لأجد ان الفيدرالية التي يردونها لن تغير شيئا من
تفكيرهم ولا من عبثهم ولا من سرقاتهم واستلائهم وفق اطماعهم لكل ما تصل
اليه ايديهم فلا يخفى على ليبي ولا يستطيع ان ينكره احد ان أكبر نسبة
للأمناء وممن كانوا يشكلون سفراء وهيئات دبلوماسية عملوا في عهد الراحل
القذافي كانوا اغلبهم من المنطقة الشرقية وكلمة وأمناء تعني ‘الوزراء’ هي
كانت يوصف بها الوزراء، ولكن وفــــق المنظور الجماهيري للنظرية التي طبقت
في عهد القذافي.
نحن الليبين الذين تقاعسنا وتركنا افواها لا تشبع تدير
البلاد وتتلاعب بالعباد وتزيد الاحقاد بين فئات الشعب حتى احكموا قبضتهم في
الدولة الليبية.. تقاعسنا انزواءً وخيانة للوطن وجعلنا من هؤلاء
الامناء. ان المشهد الدامي في أحداث بنغازي الان يعيدنا لذاك المشهد الذي
تم افتعاله وكانت تداعياته علينا حتى هذه اللحظة ها هو يتكرر بنفس الشخوص
وبذات الوجوه التي تنفذ هذه المرة فرمانا ليس زوبيريا وإنما أميريا من بلاد
الدوح البعيدة ولان كما أسلفت بعضهم ورغم المكابرة يدرك ان هذا الهرج
والمرج تديره أطراف داخلية لها علاقة وطيدة مع الخارج ليسقط الليبين برصاص
الغدر ثانية.. ها هي بنغازي بعد اعلان الزبير أنها أصبحت نظاما فيدراليا في
والوقت الذي تعيش فيه البلاد كما من التعقيدات والقضايا العالقة وملفات
يقف أمامها مؤتمرهم الوطني عاجزا لتكون بنغازي مكانا للدماء وزهق أرواح
الأبرياء الذين تم حشو أدمغتهم بأمور غير حقيقية ومشوهة وأصبحت قلوبهم
سوداء وانعدم فيها الخير لتسفك فيها الدماء مجددا.
سباق الأحداث السيئة في ليبيا لا نعرف إلى أين سيصل والى
أين سوف تأخذنا هذه الصراعات ولتصبح حياتنا كالأمواج العالية السريعة
تقذفنا بين ميليشيات قتل ومؤتمر وطني شكلي عاجز وصانعي احلام لفيدرالة وطن
صار بكل ما فيه هباء.
المصدر: ياسمين الشيباني- القدس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق