البوابة- يقول الأطباء في ليبيا أنهم يقومون بفحص عدد "متزايد" من المرضى،
الذين يعانون من مشاكل متعلقة بالمخدرات ومخاطر مماثلة بسبب الإصابة
بفيروس نقص المناعة البشرية، في حقبة ما بعد القذافي التي تتميز بمحدودية
إنفاذ القانون وقدرة الحكومة.
وقال عبد الله فنير، نائب مدير مستشفى قرقارش للأمراض النفسية في طرابلس: "كل شهر يأتي إلينا أناس أكثر يحتاجون إلى مساعدة". وأضاف أن "هذا جزء من تداعيات الثورة؛ فمراقبة الحدود ضعيفة، مما يسهل عمل تجار المخدرات، وهناك طلب إضافي كذلك. كما نزح مئات الآلاف من الليبيين، أو أصيبوا بجراح أو عانوا من أحزان خلال الانتفاضة".
ويقول الأطباء في مصحة الإرادة لعلاج الادمان، وهي مركز العلاج الوحيد من نوعه في البلاد، أن حالات الإدمان الأكثر شيوعاً التي يعالجونها هي إدمان الترامادول، (مسكن يحفز اطلاق السيروتونين ويمكن أن يسبب تشنجات) والهيروين.
ولكن الحقن بالهروين قد يصحبه إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. فقد وجد تقرير أصدرته كلية ليفربول للطب المداري، وتم نشره في أبريل الماضي بناءً على البيانات التي تم جمعها في طرابلس قبل الانتفاضة، أن 87 بالمائة من متعاطي المخدرات عن طريق الحقن في المدينة مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية. وهذا أعلى معدل مسجل في أي مكان في العالم، وبالمقارنة، تبلغ هذه النسبة 2.6 بالمائة في تونس، و7.7 بالمائة في القاهرة.
وطالب جوزيف فالديز الذي شغل منصب مدير الدراسة في هذا المشروع بالتصدي على الفور للوباء المنتشر، بين المجموعات التي تتعاطى المخدرات لدرء أزمة صحية أوسع نطاقاً.
وأضاف قائلاً: "نتائجنا تظهر بوضوح تام أن هناك وباء يتركز بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن في ليبيا. كما أنها تظهر التقدم نحو وباء يتركز بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، على الرغم من أننا لم نتمكن من إجراء استقصاء متعمق في هذا الأمر. كما تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى ارتفاع مستويات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بين العاملات في مجال الجنس. وعندما تأخذ كل هذا بعين الاعتبار، يصبح الأمر مقلقاً للغاية".
وأشار أيضاً إلى أنه "غالباً ما يكون الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال متزوجين أيضاً، وكذلك أولئك الذين يلجؤون إلى العاهرات وتعاطي المخدرات. تعتبر هذه المجموعات وسائل لنقل العدوى إلى عامة السكان، وينبغي على ليبيا مواجهة هذه المسألة الآن، وإلا ستواجه مشكلة كبيرة في المستقبل".
كما أن الخدمات الصحية محدودة. ففي مصحة الإرادة، يتلقى الليبيون الذين يعانون من مشاكل الإدمان دعماً للتخلص من إدمانهم بمساعدة علماء النفس وجرعات من المخدرات مصممة خصيصاً لهم. ولكن هذه العيادة لا تتسع سوى لـ 40 مريضاً فقط.
"إنها تقدم خدمة جيدة ولكنها أصغر بكثير من أن تستطيع خدمة البلد بأكمله،" كما أوضحت علياء شيبوب، رئيسة قسم التوعية بفيروس نقص المناعة البشرية في البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز. وأضافت قائلة: "إننا نتعامل مع الكثير من المدمنين الذين يحتاجون إلى هذا النوع من العلاج، ولكن من الصعب جداً تأمين مكان لهم. وفي الوقت الحالي، لا توجد طريقة لتوفير علاج لهم جميعاً".
ندرة البيانات
وتسبب ندرة البيانات مشاكل كبيرة لأولئك الذين يحاولون محاربة مشكلة المخدرات في ليبيا. وفي هذا السياق، قال نبيل أبو عامر، منسق مشاريع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في ليبيا: "في ظل نظام القذافي، تم تجاهل مشكلة المخدرات في ليبيا إلى حد كبير".
وأضاف: "لقد بدأنا الآن من الصفر في محاولة لجمع سجلات المستشفيات وبيانات من السجون، ولكن حتى الآن، تعتبر السيطرة على الوضع ضرباً من المستحيل. ليست لدينا فكرة عن عدد متعاطي المخدرات بالحقن هناك. يمكن أن يتراوح العدد بين بضعة آلاف وعشرات الآلاف لكننا لا نعرف العدد بالضبط".
ومن الصعب الحصول على بيانات موثوق بها عن فيروس نقص المناعة البشرية. ووفقاً للأرقام الرسمية، تم تسجيل حوالي 12,000 مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية، ولكن ليلى عقيل، رئيسة التخطيط الاستراتيجي في البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز، تقول أن هذا الرقم أقل بكثير من الواقع.
وأضافت أن "الكثير من المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية لا يسعون للعلاج الطبي، ولا يتصلون بالمسؤولين أو الأطباء. وهذا يعني أن الأرقام الرسمية ليست سوى غيض من فيض كبير جداً".
ويرجع سبب عدم وجود بيانات جزئياً إلى نقص الأموال. ويقول فالديز يجب توجيه مزيد من المال إلى برامج مكافحة الإدمان والإيدز في ليبيا.
وأضاف أنه "على الحكومة الليبية والجهات المانحة الدولية توفير المزيد من المال لبرامج الحد من الضرر والتعليم، فضلاً عن البحوث. نحن بحاجة إلى أن ندرس تأثير الحرب وانتشار فيروس نقص المناعة البشرية بشكل عام في البلاد".
وقال أيضاً: "من المحتمل أن تنتشر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية خلال الثورة؛ فالناس ينتشرون عندما تبدأ الحرب، وبالتالي ينشرون العدوى أيضاً. وفي كثير من الأحيان، يزداد نشاط الدعارة والعمل في مجال الجنس خلال الحروب. كما يحدث العنف الجنسي ضد النساء والشباب ومن الطبيعي أن نرى زيادة في الأمراض المنقولة جنسياً التي تخرج عن السيطرة".
مواجهة المشكلة
وفي معرض ردها على التقرير الذي أعدته كلية ليفربول للطب المداري، قالت الحكومة الليبية أنها ستتعامل مع وباء فيروس نقص المناعة البشرية بين متعاطي المخدرات باعتباره مسألة ذات أولوية وطنية، ولكنها، حتى الآن لم تفعل شيئاً، حسبما ذكر فنير.
وأوضح فنير أنه "لا يوجد حتى الآن برنامج لتبادل الإبر وأطباؤنا يفتقرون إلى الخبرة وإلى الأدوية المناسبة. في الواقع، لم يتم تنفيذ أي من التوصيات الواردة في التقرير. أعتقد أن معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية آخذ في الارتفاع بين متعاطي المخدرات بالحقن بسبب هذا التقاعس، حتى بعد زيادة عدد مدمني المخدرات".
وذكر فنير أنه سيكون لتفاقم الأزمة آثار وخيمة على المجتمع ككل. "فالأمر يزداد إلى درجة تهدد الاستقرار الوطني. إن تجارة المخدرات تغذي عنف الميليشيات، وكل هذا يقوض الثقة في السياسيين الليبيين، وينبغي عدم التقليل من تأثير هذا الأمر".
من جانبه، رفض مصطفى جبريل، وهو عضو مستقل في المؤتمر الوطني العام الليبي وعضو لجنة الصحة في البرلمان، فكرة أن مكافحة إدمان المخدرات ينبغي أن تكون من الأولويات التي تركز عليها الحكومة.
وقال أن "وزارة الصحة تركز على مواجهة الأزمات. هناك العديد من القضايا التي تحتاج إلى عناية في ليبيا، ولهذا فإن علاج مدمني المخدرات ليس من الأولويات".
وتجدر الإشارة إلى أن وصمة العار الاجتماعية التي تحيط بفيروس نقص المناعة البشرية وتعاطي المخدرات هي جزء كبير من المشكلة، وفقاً لاليساندرا مارتينو، أخصائية فيروس نقص المناعة البشرية التي تعمل في ليبيا منذ عام 2005.
وأضافت قائلة: "ترتبط الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بشكل وثيق جداً بالرذائل، مثل ممارسة الجنس العرضي، والشذوذ الجنسي وتعاطي المخدرات: وكلها أشياء غير مقبولة في الثقافة الليبية. وهذا يعني بالنسبة لليبيين أن فيروس نقص المناعة البشرية وتعاطي المخدرات ليسا من المجالات المرغوبة التي يمكن إجراء الحملات من أجلها أو العمل فيها".
الثورة وإعادة التأهيل
وتدعم روايات متعاطي المخدرات والعاملين في مجال التوعية التقارير الواردة من قبل الأطباء، والتي تشير إلى أن مشاكل المخدرات في ليبيا تزداد سوءاً. ويقول صلاح، وهو مدمن هيروين يتعافى في مصحة الإرادة في بنغازي، إن الحصول على الهيروين أصبح سهلاً على نحو متزايد بعد الانتفاضة.
"لقد أصبح موجوداً في كل مكان بعد الثورة. لقد توقفت عن تعاطي الهيروين في عام 2008، ولكنني بدأت أتعاطاه مرة أخرى بعد التحرير. حاربت في الخطوط الأمامية، وحصلت على مكافأة كبيرة مثل غيري من المقاتلين. بدأ الكثير من أصدقائي يتعاطونه، ونظراً لامتلاكي أموالاً إضافية، كان من الصعب علي الابتعاد عنه".
وقالت بلقيس بوظهر، أخصائية الصحة العامة في البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز: "نحن نعلم أن التوزيع أكبر الآن. عندما نذهب إلى المدارس الابتدائية، يكون من الواضح جداً أن العديد من الأطفال يتعاطون بالفعل عقاقير مثل الترامادول والحشيش. لم يكن هذا هو الوضع السائد قبل الثورة".
ويعد نقص التوعية بأضرار المخدرات أحد العوامل التي ساهمت في انتشار تعاطي المخدرات في ليبيا، وفقاً لفنير.
وأضاف أن "عامة الناس لم يكونوا على دراية بمخاطر المخدرات خلال عهد القذافي، لكن الوضع لا يتحسن الآن. وفوضى الثورة تعني انهيار العديد من برامج التوعية والتعليم القائمة، ولم يعاد تشغيل إلا القليل منها".
وقال عبد الله فنير، نائب مدير مستشفى قرقارش للأمراض النفسية في طرابلس: "كل شهر يأتي إلينا أناس أكثر يحتاجون إلى مساعدة". وأضاف أن "هذا جزء من تداعيات الثورة؛ فمراقبة الحدود ضعيفة، مما يسهل عمل تجار المخدرات، وهناك طلب إضافي كذلك. كما نزح مئات الآلاف من الليبيين، أو أصيبوا بجراح أو عانوا من أحزان خلال الانتفاضة".
ويقول الأطباء في مصحة الإرادة لعلاج الادمان، وهي مركز العلاج الوحيد من نوعه في البلاد، أن حالات الإدمان الأكثر شيوعاً التي يعالجونها هي إدمان الترامادول، (مسكن يحفز اطلاق السيروتونين ويمكن أن يسبب تشنجات) والهيروين.
ولكن الحقن بالهروين قد يصحبه إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. فقد وجد تقرير أصدرته كلية ليفربول للطب المداري، وتم نشره في أبريل الماضي بناءً على البيانات التي تم جمعها في طرابلس قبل الانتفاضة، أن 87 بالمائة من متعاطي المخدرات عن طريق الحقن في المدينة مصابون بفيروس نقص المناعة البشرية. وهذا أعلى معدل مسجل في أي مكان في العالم، وبالمقارنة، تبلغ هذه النسبة 2.6 بالمائة في تونس، و7.7 بالمائة في القاهرة.
وطالب جوزيف فالديز الذي شغل منصب مدير الدراسة في هذا المشروع بالتصدي على الفور للوباء المنتشر، بين المجموعات التي تتعاطى المخدرات لدرء أزمة صحية أوسع نطاقاً.
وأضاف قائلاً: "نتائجنا تظهر بوضوح تام أن هناك وباء يتركز بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن في ليبيا. كما أنها تظهر التقدم نحو وباء يتركز بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، على الرغم من أننا لم نتمكن من إجراء استقصاء متعمق في هذا الأمر. كما تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى ارتفاع مستويات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بين العاملات في مجال الجنس. وعندما تأخذ كل هذا بعين الاعتبار، يصبح الأمر مقلقاً للغاية".
وأشار أيضاً إلى أنه "غالباً ما يكون الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال متزوجين أيضاً، وكذلك أولئك الذين يلجؤون إلى العاهرات وتعاطي المخدرات. تعتبر هذه المجموعات وسائل لنقل العدوى إلى عامة السكان، وينبغي على ليبيا مواجهة هذه المسألة الآن، وإلا ستواجه مشكلة كبيرة في المستقبل".
كما أن الخدمات الصحية محدودة. ففي مصحة الإرادة، يتلقى الليبيون الذين يعانون من مشاكل الإدمان دعماً للتخلص من إدمانهم بمساعدة علماء النفس وجرعات من المخدرات مصممة خصيصاً لهم. ولكن هذه العيادة لا تتسع سوى لـ 40 مريضاً فقط.
"إنها تقدم خدمة جيدة ولكنها أصغر بكثير من أن تستطيع خدمة البلد بأكمله،" كما أوضحت علياء شيبوب، رئيسة قسم التوعية بفيروس نقص المناعة البشرية في البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز. وأضافت قائلة: "إننا نتعامل مع الكثير من المدمنين الذين يحتاجون إلى هذا النوع من العلاج، ولكن من الصعب جداً تأمين مكان لهم. وفي الوقت الحالي، لا توجد طريقة لتوفير علاج لهم جميعاً".
ندرة البيانات
وتسبب ندرة البيانات مشاكل كبيرة لأولئك الذين يحاولون محاربة مشكلة المخدرات في ليبيا. وفي هذا السياق، قال نبيل أبو عامر، منسق مشاريع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في ليبيا: "في ظل نظام القذافي، تم تجاهل مشكلة المخدرات في ليبيا إلى حد كبير".
وأضاف: "لقد بدأنا الآن من الصفر في محاولة لجمع سجلات المستشفيات وبيانات من السجون، ولكن حتى الآن، تعتبر السيطرة على الوضع ضرباً من المستحيل. ليست لدينا فكرة عن عدد متعاطي المخدرات بالحقن هناك. يمكن أن يتراوح العدد بين بضعة آلاف وعشرات الآلاف لكننا لا نعرف العدد بالضبط".
ومن الصعب الحصول على بيانات موثوق بها عن فيروس نقص المناعة البشرية. ووفقاً للأرقام الرسمية، تم تسجيل حوالي 12,000 مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية، ولكن ليلى عقيل، رئيسة التخطيط الاستراتيجي في البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز، تقول أن هذا الرقم أقل بكثير من الواقع.
وأضافت أن "الكثير من المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية لا يسعون للعلاج الطبي، ولا يتصلون بالمسؤولين أو الأطباء. وهذا يعني أن الأرقام الرسمية ليست سوى غيض من فيض كبير جداً".
ويرجع سبب عدم وجود بيانات جزئياً إلى نقص الأموال. ويقول فالديز يجب توجيه مزيد من المال إلى برامج مكافحة الإدمان والإيدز في ليبيا.
وأضاف أنه "على الحكومة الليبية والجهات المانحة الدولية توفير المزيد من المال لبرامج الحد من الضرر والتعليم، فضلاً عن البحوث. نحن بحاجة إلى أن ندرس تأثير الحرب وانتشار فيروس نقص المناعة البشرية بشكل عام في البلاد".
وقال أيضاً: "من المحتمل أن تنتشر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية خلال الثورة؛ فالناس ينتشرون عندما تبدأ الحرب، وبالتالي ينشرون العدوى أيضاً. وفي كثير من الأحيان، يزداد نشاط الدعارة والعمل في مجال الجنس خلال الحروب. كما يحدث العنف الجنسي ضد النساء والشباب ومن الطبيعي أن نرى زيادة في الأمراض المنقولة جنسياً التي تخرج عن السيطرة".
مواجهة المشكلة
وفي معرض ردها على التقرير الذي أعدته كلية ليفربول للطب المداري، قالت الحكومة الليبية أنها ستتعامل مع وباء فيروس نقص المناعة البشرية بين متعاطي المخدرات باعتباره مسألة ذات أولوية وطنية، ولكنها، حتى الآن لم تفعل شيئاً، حسبما ذكر فنير.
وأوضح فنير أنه "لا يوجد حتى الآن برنامج لتبادل الإبر وأطباؤنا يفتقرون إلى الخبرة وإلى الأدوية المناسبة. في الواقع، لم يتم تنفيذ أي من التوصيات الواردة في التقرير. أعتقد أن معدل الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية آخذ في الارتفاع بين متعاطي المخدرات بالحقن بسبب هذا التقاعس، حتى بعد زيادة عدد مدمني المخدرات".
وذكر فنير أنه سيكون لتفاقم الأزمة آثار وخيمة على المجتمع ككل. "فالأمر يزداد إلى درجة تهدد الاستقرار الوطني. إن تجارة المخدرات تغذي عنف الميليشيات، وكل هذا يقوض الثقة في السياسيين الليبيين، وينبغي عدم التقليل من تأثير هذا الأمر".
من جانبه، رفض مصطفى جبريل، وهو عضو مستقل في المؤتمر الوطني العام الليبي وعضو لجنة الصحة في البرلمان، فكرة أن مكافحة إدمان المخدرات ينبغي أن تكون من الأولويات التي تركز عليها الحكومة.
وقال أن "وزارة الصحة تركز على مواجهة الأزمات. هناك العديد من القضايا التي تحتاج إلى عناية في ليبيا، ولهذا فإن علاج مدمني المخدرات ليس من الأولويات".
وتجدر الإشارة إلى أن وصمة العار الاجتماعية التي تحيط بفيروس نقص المناعة البشرية وتعاطي المخدرات هي جزء كبير من المشكلة، وفقاً لاليساندرا مارتينو، أخصائية فيروس نقص المناعة البشرية التي تعمل في ليبيا منذ عام 2005.
وأضافت قائلة: "ترتبط الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية بشكل وثيق جداً بالرذائل، مثل ممارسة الجنس العرضي، والشذوذ الجنسي وتعاطي المخدرات: وكلها أشياء غير مقبولة في الثقافة الليبية. وهذا يعني بالنسبة لليبيين أن فيروس نقص المناعة البشرية وتعاطي المخدرات ليسا من المجالات المرغوبة التي يمكن إجراء الحملات من أجلها أو العمل فيها".
الثورة وإعادة التأهيل
وتدعم روايات متعاطي المخدرات والعاملين في مجال التوعية التقارير الواردة من قبل الأطباء، والتي تشير إلى أن مشاكل المخدرات في ليبيا تزداد سوءاً. ويقول صلاح، وهو مدمن هيروين يتعافى في مصحة الإرادة في بنغازي، إن الحصول على الهيروين أصبح سهلاً على نحو متزايد بعد الانتفاضة.
"لقد أصبح موجوداً في كل مكان بعد الثورة. لقد توقفت عن تعاطي الهيروين في عام 2008، ولكنني بدأت أتعاطاه مرة أخرى بعد التحرير. حاربت في الخطوط الأمامية، وحصلت على مكافأة كبيرة مثل غيري من المقاتلين. بدأ الكثير من أصدقائي يتعاطونه، ونظراً لامتلاكي أموالاً إضافية، كان من الصعب علي الابتعاد عنه".
وقالت بلقيس بوظهر، أخصائية الصحة العامة في البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز: "نحن نعلم أن التوزيع أكبر الآن. عندما نذهب إلى المدارس الابتدائية، يكون من الواضح جداً أن العديد من الأطفال يتعاطون بالفعل عقاقير مثل الترامادول والحشيش. لم يكن هذا هو الوضع السائد قبل الثورة".
ويعد نقص التوعية بأضرار المخدرات أحد العوامل التي ساهمت في انتشار تعاطي المخدرات في ليبيا، وفقاً لفنير.
وأضاف أن "عامة الناس لم يكونوا على دراية بمخاطر المخدرات خلال عهد القذافي، لكن الوضع لا يتحسن الآن. وفوضى الثورة تعني انهيار العديد من برامج التوعية والتعليم القائمة، ولم يعاد تشغيل إلا القليل منها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق