أكد
نوري أبو سهمين، رئيس «المؤتمر الوطني العام» (البرلمان) في ليبيا،
لـ«الشرق الأوسط» في حوار، أن بعض أعوان نظام معمر القذافي متورطون في بعض
الأحداث والاشتباكات المسلحة الدامية التي شهدتها البلاد أخيرا، وكشف
النقاب عن اعتقال مجموعات منهم في عدة مدن ليبية وأنهم رهن التحقيق
حاليا. وأوضح أن لدى السلطات الليبية معلومات استخباراتية موثقة في هذا
الخصوص، مشيرا إلى أن بلاده لن تسمح لأعوان النظام السابق بمحاولة التأثير
على الحياة السياسية أو غرس ما وصفه بثقافة الظلم والاستبداد مجددا. ومع
ذلك، فقد أوضح أبو سهمين، الذي يعتبر الرئيس الفعلي للبلاد والقائد الأعلى
للقوات المسلحة الليبية بحكم منصبه الذي انتخب له يوم الثلاثاء الماضي، أن
الوضع الراهن في ليبيا ليس سيئا، مؤكدا نجاح جهود الحكومة الانتقالية
برئاسة الدكتور علي زيدان في السيطرة التامة على الاشتباكات التي وقعت
أخيرا في قلب العاصمة الليبية طرابلس. وأوضح في حوار خاص
لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من العاصمة طرابلس، هو الأول من نوعه له مع
أي وسيلة إعلام محلية أو عربية أو دولية، أن هناك اتجاها لإجراء تعديلات
وزارية وشيكة على حكومة زيدان لمعالجة القصور الذي يعتري بعض الوزارات. ونفى
أبو سهمين انتماءه إلى جماعة الإخوان المسلمين أو يكون محسوبا عليهم،
لافتا إلى أنه لا يجد أي غضاضة في الاتفاق مع أي فصيل أو حزب سياسي على
الثوابت التي تستهدف إعادة بناء الوطن وحفظ مستقبله وأمنه. واستبعد
أن يؤدي وجوده كشخص ينتمي إلى الأقلية الأمازيغية في ليبيا إلى أمزغة
الدولة الليبية، لكنه شدد على ضرورة التعامل مع اللغة الأمازيغية كمكون
ثقافي للوطن. وفيما يلي نص الحوار الذي دام نحو ثلاثين دقيقة على الهاتف:
* بصفتك الرجل الأول الآن في ليبيا، كيف ترى الوضع الراهن؟
- لا بد أن نقر بأننا في مرحلة استثنائية عموما؛ نمر
بظروف أمنية، قد تختلف من الحين والآخر، قد ترقى أحيانا إلى مستوى الهاجس
أو مستوى يسبب لنا قلقا، لكن في عمومه ليس بالقلق الذي نفكر فيه على مستوى
قد يزعجنا الإزعاج الذي يعتقد فيه الغير أن هناك فلتانا أو انفلاتا أمنيا؛
أشياء نتوقعها من حين لآخر، لكن في عمومها تحت سيطرة الدولة، والناس عموما
مرتاحون في هذا الخصوص، ونحن نتابع الأحداث، قد تحدث مفاجآت في منطقة معينة
من وقت لآخر، قد تحدث أشياء في داخل طرابلس أو بنغازي أو الجنوب، لكن كلها
تحت سيطرة ومتابعة الدولة ولم تسبب لنا فلتانا أمنيا نفكر له بمستوى الأمن
القومي.
* لكن عفوا، المواطن العادي لا يشاركك هذه الطمأنينة والثقة بقدرة الأجهزة الأمنية والعسكرية على ضبط الأمور؟
- المواطن العادي يقارن مثل هذه الحوادث بأشياء أخرى
توفر له الاطمئنان، والمواطن العادي يعيش حياة عادية في المدرسة، في
الجامعة، في السوق، في الشاطئ حاليا في موسم الصيف هذا في السفر، قد يعاني
اضطرابا في بعض المسائل ولكن في عمومه، وعندما أقول ذلك أيضا أمر بفترات
عادية جدا، عشت هذه المرحلة كعضو في «المؤتمر الوطني» ومقررا له، لكن لم
أنسلخ عن حياة المواطن العادية. صدقني والسادة النائبان الأول الدكتور جمعة
عتيقة والثاني الدكتور صالح المخزوم وأعضاء مكتب الرئاسة، بالمراقبين
والمساعدين والمتحدث الرسمي، يعرفون جيدا أنني أسكن في زوارة، ومنذ 8 -8
أذهب كل يوم خميس بسيارتي الخاصة، وأقودها إلى هناك، وأنا عضو رئاسة ولم
أضع لنفسي حتى حراسات، ليس هذا من باب عدم الأخذ بالأسباب أو تحدي الواقع،
ولكن أؤكد لك أن هذا الاطمئنان لدينا وهذا ما حدث فعلا.
* هل تؤكد أنه تمت السيطرة على الأحداث الدامية في طرابلس، وأنها لن تتكرر لاحقا؟
- إلى حد الآن، تم السيطرة منذ الليلة قبل البارحة، ونحن
مطمئنون جدا، ووزارتا الداخلية والدفاع على سيطرة تامة على الوضع، وأيضا
المكونات الاجتماعية في تلك المنطقة من أهالي أبو سليم يعرفون ذلك جيدا،
نلملم حاليا الجراح، نعزي أنفسنا والأسر التي فقدت قتلى في هذا الحدث،
ونحاول أن نعرف ماهية مثل هذه الأحداث، وشكلنا لجانا مختصة للتحقيق في
الموضوع، ولكن الموضوع بأكمله تحت السيطرة.
* الدكتور علي زيدان، رئيس الحكومة، اتهم أعوان النظام السابق بالضلوع في هذه الأحداث، هل تشاركه نفس الرؤية؟
- نعم، هذه حقيقة صرح بها السيد رئيس الوزراء، وإن لم
نصرح بها جميعا، لدينا هذه المعرفة، ندرك جيدا أن وضعنا الأمني مستهدف من
داخل الدولة وخارجها من بعض أتباع النظام السابق الذين يحاولون إثارة
الفوضى وعدم توفير الطمأنينة للمواطن ومحاولة كسب مواقف أو إشعار بعض
المواطنين بأن ليبيا غير هادئة، نحن ندرك ذلك جيدا، وبالتأكيد لهم اليد
الطولى وليست حتى اليد القصيرة في مثل هذه الأحداث، لكن أؤكد لك أن ليبيا
سالمة بإذن الله سبحانه وتعالى.
* لكن البعض يعتقد أن هذه مجرد شماعة أو فزاعة، فكل رجال النظام السابق إما في السجن أو المنفى، إذن عن أي أسماء نتحدث؟
- الشماعة أو الفزاعة لهما دور في حياتنا، ولكن ما حجم
هذه الشماعة، هذا هو ما نبحث فيه، نحن نعتقد أنها شماعة كبيرة تؤدي دورا،
وهم يعتقدون هذا الموقف، ولكن نحن نعتقد أن لهم دورا، وهم يخيل إليهم أن
دورهم هذا سيكون إيجابيا ويقنع مواطنينا، نحن من الناحية النظرية أو
القانونية لا نحارب أفكارا، ولكن لا نتيح الفرصة لذوي رأي استبدادي في
السابق الذين تمكنوا من الانفلات بأفكارهم وبسلطاتهم وبمكاسب هذه الدولة
التي أتاحوها لأنفسهم، لن نتيح لهم فرصة للدخول إلى مجال الدولة أو
السياسة، وليس بالقوانين فقط عبر العزل السياسي، ولكن بإرادة شعبنا العظيم
بعد هذه الثورة المباركة، ولن يكون لهم دور في محاولة غرس الثقافة القديمة
التي تعبر عن الظلم والطغيان.
* معذرة.. لكن، هل الحديث عن تورط أعوان النظام السابق هو مجرد تكهنات أو معلومات استخباراتية موثقة؟
- لدينا عدة معلومات استخباراتية، بل وصلت حتى إلى أسماء معينة، ووصلت حتى إلى القبض على مجموعات مختلفة في عدة مدن وهم قيد التحقيق.
* من في الخارج من أعوان القذافي يمثل تهديدا حقيقا لليبيا؟
- لا تهمني أسماء معينة، الذين كان لهم دور يعرفهم
العالم جميعا، نحن ندرك جيدا، نتابع مع الدول التي يقيمون فيها الإجراءات
القانونية التي تضمن تسلمهم وتقديمهم إلى العدالة، هذا أيضا دور تقوم به
أجهزة مختصة في هذا الخصوص.
* لمن أنت مدين بمنصبك الحالي؟ قيل لي إنك محسوب على جماعة الإخوان المسلمين، فهل أنت على تماس أو صلة معهم؟
- أنا أولا مدين لله سبحانه وتعالى بهذه المنة وهذه
المكرمة التي أتمنى أن يوفقني الله سبحانه وتعالى فيها، مدين للشعب العظيم
الذي منحني هذه الثقة من خلال أعضاء «المؤتمر الوطني العام» المنتخبين
انتخابا ديمقراطيا، تربطني بكافة الأحزاب، سوءا الإخوان المسلمين أو غيرهم،
ثوابت في بناء هذا الوطن، إذا جمعتني ثوابت بالإخوان المسلمين فأنا أتشرف
بها، وإذا جمعتني ثوابت بحزب «تحالف القوى الوطنية» أو في أي حزب آخر، كل
ما يجمعني بأي حزب أو نخب أو مفكر في سبيل هذا الوطن، فأنا لا مانع لدي أن
أحسب على هذا أو ذاك، أنا شخص جئت إلى «المؤتمر الوطني» من مدينة زوارة
كعضو «مؤتمر»، فرد مستقل لم أنتم في حياتي إلى أي حزب، وإذا انتميت في
السابق أو كان ذلك سرا، فلا أعتقد أن أحدا يصدق الآن أن هناك مجالا آخر لأن
أخفي ذلك، أنا موجود وإذا شاطرني أو شاطرت غيري الرأي أو أي أفكار من أجل
بناء الوطن فأنا أعتز بذلك.
* هل صحيح أن الإخوان المسلمين يهيمنون على الحياة السياسية في ليبيا؟
- أنا لا أعتقد أن «الإخوان» ولا غيرهم يستطيعون أن
يهيمنوا على الحياة السياسية، نحن في مرحلة الخطوات لبناء الدولة، لا أعتقد
أنه لا أحد يدعى أنه يستطيع أو استطاع أن ينفرد بأي هيمنة، ليبيا فيها
تجاذبات كثيرة، لم تمر بمؤسسات، لم يكن فيها بنية سواء تحتية أو حزبية، ليس
هناك من يدعي غير ذلك، هناك من يفكر في بناء حزب أو يطور حزبا، نعم المجال
مفتوح، وسيكون لمن يستطيع أن يبرهن لليبيين أنه يستطيع ذلك.
* أنت أمازيغي من أقلية تمثل 5% فقط من تعداد السكان، هل انتخابك رئيسا لـ«المؤتمر» يمثل رسالة ما؟
- أعتز في البداية أن أقول إنني مسلم، إنني ليبي إنني
أمازيغي، إنني عربي، ليبيا يجمعها الإسلام والوطن، وتجمعها الأصالة
الأمازيغية والعربية، لقد شرفنا نحن كبني آدم في هذه الحياة الدنيا باللغة
العربية، لغة القرآن العظيم، بلغة الرسول الأعظم (عليه الصلاة والسلام)،
شرفنا بهذه اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لنشر الرسالة، نتشرف بها
من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة نأخذ حقوقنا ونعرف واجباتنا،
وإذا كانت اللغة الأمازيغية أداة من أدوات توحيد هذا الوطن، فنحن نعتز بهذه
الثقافة وبهذه اللغة، ونعمل على تثبيت حقوقنا فيها لكي تكون وسيلة من
وسائل اللحمة الوطنية وتمكين شعبنا من هذه الأصالة الموجودة فيه على مدى
التاريخ، ولكن ما قد يروج له البعض من أنها أسلوب من أساليب لغرس الإثنية
أو العرقية فهذه لم توجد في ثقافة شعبنا الكريم.
* هل وجودك على رأس السلطة يعنى أمزغة الدولة في ليبيا - إن صح التعبير؟
- لن يستطيع أي إنسان أو أي رئيس لـ«المؤتمر» أمزغة أو
تمكين الغير من نشر العربية فقط، اللغة العربية هي اللغة الرسمية في
الدولة، لغة ثقافتنا والحضارة، اللغة الأمازيغية حوربت في هذا البلد نتيجة
تهميش النظام السابق، وإذا وجدنا سبلا لتمكين من يتعلمها وتتولى الدولة
مساعدة من يريد نشر هذه الثقافة فهذا نراه واجبا وطنيا، ولكن لا تناقض بين
اللغتين، إذا أحيينا أي لغة قديمة وأعطينا الحقوق، فنحن نمتثل لقوله سبحانه
وتعالى: «ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم»، وأيضا
قوله تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا
وقبائل لتعارفوا».
* هل ورثت تركة عسيرة أو سهلة من سلفك المستقيل الدكتور محمد المقريف؟
- الدكتور محمد للمقريف أعزه وأقدره، وهو شخص مناضل أعرف
عنه السيرة الطيبة منذ أن كنت طالبا في بنغازي من 1974 إلى 1978، ثم في
بريطانيا في مطلع الثمانينات أدرس مقالاته، وأعرف أنه شخص مستهدف من النظام
السابق، نعتبره شخصا معارضا، عندما التحق بـ«المؤتمر الوطني» ووجدت فيه
الوقار والحكمة، له ما له وعليه ما عليه، لا أستطيع تحميله كل الأخطاء التي
حدثت لشخصه الكريم، وهو كان رئيسا لـ«المؤتمر الوطني»، لكن لم تكن له
لوائح تحدد حدود صلاحياته، لعله كانت لديه رؤية خاصة في إدارة «المؤتمر»،
وطالما غادر منصبه في «المؤتمر» فنحن نحمل له كل تقدير واحترام، ومن واجبي
أن أذكر مزاياه، والتاريخ سطر مرحلة معينة، أؤكد لك أننا لا نستطيع أن
نستغني عن أي شخص، سواء شمله العزل السياسي أم لا، طالما لم يثبت عليه أنه
أفسد الحياة السياسة ولم يتسبب في كسب مادي غير مشروع أو لم يساهم في قتل
الليبيين، بل تاريخه النضالي معروف، ما حدث كانت له فرصة في تقديم شيء لهذا
البلد، أخذ فرصته، ونحن متأكدون جدا أن المساحة واسعة أمامه كي يقدم
الكثير.
*هل تعتقد أن على حكومة زيدان أن ترحل أم تغير نفسها، خاصة على خلفية الانتقادات التي تتعرض لها؟
- أنا أفضل تعبير الحكومة التي على رأسها السيد علي
زيدان وليست حكومة زيدان، الحكومة التي على رأسها الدكتور زيدان باعتباره
رئيس الوزراء حكومة منتخبة من قبل «المؤتمر الوطني»، لها كل الشرعية
القانونية، من واجب «المؤتمر الوطني» مراقبة الحكومة في أدائها ومهامها
وتنفيذ وعودها، وتقيم الوزارات أو يقيم هو كرئيس للوزراء، من حق «المؤتمر
الوطني» إعادة النظر في أي حقيبة وزارية أو في السيد رئيس الوزراء بشخصه،
هذه مساحة مفتوحة أمام «المؤتمر الوطني» وهناك مجال واسع لتقييم ذلك.
* هل هناك إذن اتجاه لتعديل الحكومة قريبا؟
- الاتجاه موجود دائما، والسيد رئيس الوزراء بشخصه
الكريم يرى أن هناك تعديلات ستكون، وهو قام ببعض التعديلات، ومطروح أمام
«المؤتمر» للنظر في حلول عاجلة في بعض الوزارات التي في أدائها قصور واضح
أمام المعطيات الحالية، نحن ننظر في ذلك وهي من أولوياتنا.
* أمامكم شهور قليلة قبل
نهاية الفترة الانتقالية بنهاية العام الحالي، هل ستطلبون التمديد
لـ«المؤتمر الوطني»، على اعتبار أن الفترة المقبلة لن تكون كافية لكتابة
الدستور؟
- لا أعتقد أنها ستكون كافية للأسف الشديد، لأنه عندما
تم التعديل الدستوري من التعيين إلى الانتخاب في فترة المجلس الانتقالي
السابق، لم يراع هذه الفترة، المجلس الانتقالي تكلم عن التعيين ورأى أن
الفترة كافية، ولكن بعد انتخاب «المؤتمر الوطني»، تم التعديل الرابع الذي
ذهب إلى أن الهيئة التأسيسية للدستور تأتي بالانتخاب المباشر، وعندما تم
الطعن في ذلك من قبل مؤسسات المجتمع المدني والنخب الثقافية في هذه المادة،
المحكمة العليا لم تبت في هذه المسألة إلا بعد خمسة أشهر، فهذه أخذت وقتا
طويلا، هذا الوقت سيضاف بالتأكيد، نحن كأعضاء لـ«المؤتمر الوطني»، كما
تمنينا وكنا نتمنى أن تكون المدة حسب الإعلان الدستوري بنهاية هذه السنة،
لكن واقع الحال يحتم علينا غير ذلك، والتأجيل لفترة لاحقة في عام 2014.
* وهل سيتقبل الرأي العام هذا التمديد؟
- بالتأكيد، الرأي العام عندما انتخب أعضاء لهذا
«المؤتمر الوطني» يرى أنهم يستطيعون تسيير هذه المرحلة، ليس فيها مكسب مادي
أو شخصي للتمديد، هذه معاناة لنا جميعا، ما يحتمه الواجب الوطني يقبله
الرأي العام أيضا.
* ما حجم التدخل الأجنبي في شؤون ليبيا؟
- لا أعتقد أن هناك تدخلا، هناك مصالح ورؤية مشتركة
وحوار ومتابعة للأمور، كما هو موجود في مختلف مناطق العالم، الدول التي
ترتبط مصالحها وحدودها ببعضها البعض، وضعها الأمني مهم كل دولة لأخرى، نحن
نتابع الأحداث مع دول الجوار والدول الصديقة التي قدمت لنا عونا في حرب
التحرير، ولكن المبدأ العام هو المعاملة بالمثل، لكن بثوابت، لا نسمح
بالتدخل الأجنبي سواء كان قريبا أو بعيدا في شؤون بلدنا.
* من اتصل بك من رؤساء دول وحكومات العالم لتهنئتك بالمنصب؟
- أنا في مرحلة صعبة جدا، والسيد رئيس الوزراء التركي
اتصل بى في اليوم التالي، واتصل الرئيس السوداني عمر البشير، وبعض رؤساء
الدول بعثوا عبر سفرائهم؛ إيطاليا، عمان، السعودية، وأيضا جلالة ملك
المغرب، ونحن نثمن ذلك ونشكرهم على حسن تقديرهم لهذه المرحلة.
* متى ستبدأ أولى جولاتك الخارجية وما الدول التي ستكون محطاتها؟
- بقدر ما هي مهمة الجولات والعلاقات الخارجية، فأنا
مرتبط بالوطن، أعتقد أنى سأعطى شخصيا كرئيس لـ«المؤتمر» وأيضا للسادة أعضاء
المكتب الرئاسي وأعضاء «المؤتمر» نعطى الأولوية للسفر للداخل والوقوف على
حقوق المواطنين ومطالبهم أولا، أحاول أن أضيق سفري للخارج في حدود القدر
المطلوب دوليا في حضور المؤتمرات التي لا نستطيع التغيب عنها، الزيارات
الأخرى سأبذل جهدي في تقليل مدتها وهذه المهام، وسأبذل جهدي لأن الوطن
يستحق العمل فيه في ورشة داخلية استثنائية.
* ثمة حديث متواصل عن وجود قوى لأجهزة مخابرات مختلفة على الأرض وتصنت على هواتف المسؤولين، كيف ترى الأمر؟
- لا أدعي أنه ليس هناك تجسس، التقنية في العالم متقدمة
جدا، ولعلكم تدركون ذلك بحكم متابعتكم للأحداث الإعلامية والثقافية، تدركون
جيدا أنه حتى في بعض الدول المتقدمة جدا الولايات المتحدة وروسيا اليابان
والصين ودول عربية متقدمة أيضا، هناك تجسس، وهذه أصبحت ظاهرة موجودة،
وتتناولها مصادر الاستخبارات في العالم، لا ننفى أن هناك تجسسا بالتأكيد،
نحن متأكدون من أعمالنا، ونعمل جاهدين على أن نحتفظ بأسرارنا، ولكن لا
نستطيع أن ننفي وجود استخبارات أجنبية بقدر الإمكانات المتاحة ونتابع ذلك،
ولكن دوليا هذه الظاهرة موجودة ولا يستطيع أن ينكرها أحد.
* هل أنت راض عن أداء جهاز المخابرات، حيث يطالب البعض بإقالة رئيسه؟
- أنا شخصيا لا أستطيع أن أؤكد لك أنني متعرف بالتمام
والكمال على تركيبة جهاز المخابرات، كنت كمقرر لـ«المؤتمر» ليس من واجباتي
الوظيفية أن أكون محتكا بالمخابرات أو الاستخبارات، واجب وطني نؤيده جميعا،
أستطيع أن أقيم هذه المسائل، بل تقيم من الناحية الموضوعية والديناميكية،
ليس هناك شخص حكر على المخابرات، الذي يهم هو أن من يكون على رأس هذه
الأجهزة لا بد أن يكون مواطنا صالحا، إذا كانت له أخطاء فلتصحح، وإذا لم
تجد له إمكانات فلنأته بعدها ونساعده على ذلك.
* كرئيس لـ«المؤتمر»، بماذا تعد المواطن العادي والعالم من حولك؟
- أعد المواطن العادي بأني سأكون مواطنا عاديا، ولكن
أحرص على أداء عملي باقتدار، لا تهمني البروتوكولات الرئاسية أو ينظر إلي
كرئيس، أنا مواطن من رحم هذا الشعب العظيم، جئت في فترة استثنائية، أشعر
باحتياجاتهم وأحاسيسهم، أتطلع إلى تحقيق آمالهم، وأنظر إلى ابتسامة الطفل
وأتأمل في دمعة اليتيم، أشعر بآهات المظلومين والثكالى واليتامى والأرامل،
أحاول تطبيق القانون والعدل على الظالمين، أنظر إلى مرحلة المصالحة الوطنية
والعدالة الانتقالية من دون أن أستطيع القفز على الظلم ونسيان الماضي،
العفو لا يعني فقدان الذاكرة، والصفح لا يعني إسقاط الحق.
* كيف تقضي كرئيس للبلاد يومك؟ وما الذي تغير بعد توليك منصبك الجديد؟
- لم أغير من حياتي بعد، ربما زادت علي بعض الأعباء خلال
الأيام الثلاثة الماضية، رغم أنني أصارحك بأنني عندما كنت في عملي كمقرر
وشعرت بأنه ربما ليس لدي سوى أربع أو خمس ساعات أفكر فيها في الراحة، وليس
لي ساعات أخرى، لكن رغم ذلك أشعر بالسعادة لأني استطعت أن أخدم بلدي في هذا
المجال.
* سمعت أنك قارئ نهم، لمن قرأت أخيرا؟
- (ضاحكا) عندما أقرأ لك، وأتمنى أن أقرأ لك كتابات خاصة
بعدما قدمك لي الدكتور جمعة عتيقة وأنا أعرفه ككاتب وشاعر، وأشاد بك
وبصحيفة «الشرق الأوسط»، التي نشكرها على دأبها على متابعة كل ما يجري في
بلادنا.
* شكرا على وقتك وسعة صدرك؟
- أشكركم بدوري، وأرجو أن تعذرني لضيق وقتي، فلدي زيارات لبعض
المستشفيات، ويشرفني أن يكون لقائي الأول لوسائل الإعلام على الإطلاق معكم.
المصدر: خالد محمود- الرشق الأوسط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق