خالد المهير-طرابلس
عاد ملف تعويضات سجناء الرأي بليبيا إبان عهد العقيد الراحل معمر القذافي إلى صدارة الحديث وتعليقات شبكات التواصل الاجتماعي إثر طلب الحكومة من المؤتمر الوطني العام الموافقة على مبلغ إضافي يصل إلى مائتي مليون دينار لدفع جزء من استحقاقات التعويضات.وبذلك تصل مخصصات التعويضات المقدرة للعام الحالي إلى 700 مليون دينار (الدولار يعادل 1.29 دينار) مع توقعات أن تصل خلال ثلاثة أعوام إلى 2.5 مليار دينار.
ويحصل 7000 سجين سياسي ليبي، حسب تأكيدات جمعيات سجناء الرأي، على مقابل مادي يصل إلى 8000 دينار عن كل شهر حبس، أي ما يقارب 960 ألف دينار عن كل عشرة أعوام سجن.
وبلغت تعليقات المواطنين إلى حد وصف السجناء بـ"المرتزقة" وأن تعويضهم بكل هذه المبالغ الضخمة "إهدار للمال العام".
وتوقع عضو لجنة المصالحة بالمؤتمر الوطني العام منصور الحصادي جدلا كبيرا وربما معارضة تحت قبة المؤتمر لإضافة مبالغ إلى بند التعويضات.
لكن البرلماني الحصادي عزا معارضة شريحة واسعة من الليبيين للتعويضات لما وصفه "تضليل" وزير المالية السابق حسن زقلام حين تحدث عن 90 مليار دينار كإجمالي لقيمة تعويضات السجناء.
وشن رئيس جمعية سجناء الرأي بالعاصمة طرابلس علي العكرمي هجوما لاذعا على الفضائيات "المغرضة"، وقال للجزيرة نت إن المبالغ حددتها وقائع مستندات المحاكم منذ عهد القذافي.
وحسب العكرمي (وهو معتقل من 1973 إلى 2002 لانتمائه لحزب التحرير الإسلامي) فإن السجناء السياسيين تعرضوا لشتى أنواع التعذيب، وكان من حقهم الحصول على بيوت صحية وتعليم لأطفالهم، داعيا الليبيين إلى عدم استكثار حفنة من المال على السجناء، قائلا إنه في الدول المتقدمة تطلق أسماء الأبطال على الشوارع الرئيسية.
حملة شعواء
وقال رئيس جمعية السجناء السياسيين في بنغازي أنور سواني إنهم يرفضون بيع نضالهم المشرف بدنانير، لكنه قال إن من حقهم الحصول على تعويضات لجبر أضرارهم المادية والمعنوية.
وأشار سواني في حديثه للجزيرة نت إلى مئات المآسي الإنسانية التي تمر عليه يوميا في الجمعية لفقدان الأزواج في السجون وحالات المرض والعاهات التي أصيب بها السجناء أثناء الاعتقال، مؤكدا أن المبالغ المقررة تساهم إلى حد كبير في معالجة أوضاعهم "المتردية".
وقال إن السجناء لم يقوموا بحصار مؤسسات الدولة أو قطع الطرق وإغلاق الشوارع "كما تفعل المجموعات المسلحة التي تحصل على الملايين" متسائلا عن مغزى هذه الحملة "الشعواء" ضدهم.
واستغرب سواني أنه لا أحد يتحدث عن إهدار المال العام عندما "تحاصر هذه المجموعات الوزارات مقابل حصولها على الأموال الكبيرة"، أما حينما يتعلق الأمر بـ"السجناء الشرفاء" فتتخرج دعوات المحافظة على المال العام.
وقال السجين السياسي إدريس بوشويخة للجزيرة نت إن الدولة ملزمة بدفع تعويضات لإخراج السجناء من أوضاعهم "المزرية"، حيث يعيش أغلبهم "تحت خط الفقر بدون سكن ولا مصدر رزق.
وردا على الانتقادات اللاذعة لهم يقول بوشويخة إن شريحة السجناء لم تضع في حسبانها عند مواجهة نظام القذافي التعويضات، وربط الهجوم عليهم بالهجوم على التيار الإسلامي عموما.
أما حسين الشافعي، الشاهد الأول في قضية سجن بوسليم في يونيو/حزيران 1996 التي راح ضحيتها 1200 سجين أغلبهم من ذوي التوجهات الإسلامية فيقول إن الأصوات المعارضة لتعويضهم "لم نرها في الثورة في فبراير 2011 أو قبل الثورة" دون أن يحددها صراحة.
وشن الشافعي -الذي سجن من 1989 إلى العام 2000 بسبب انتقادات علنية للقذافي حينما "تهجم على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم- هجوما لاذعا على أصحاب المشاريع الكبيرة في ليبيا الذين قال إنهم يخشون على المال العام "ولم نسمع أصواتهم في قضايا فساد ملفات الجرحى المغشوشة والمزورة".
المصدر:الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق