تدرس المملكة العربية السعودية رفع الحد الأدنى للأجور إلى نحو ضعف المعدل الحالي، ما يرى أنصاره أن من شأنه تعزيز سياسة "السعودة". إذ سيمثل حافزا للمواطنين لملء مئات الألاف من الوظائف الشاغرة بدلا من العمال الوافدين الذين تركوا البلاد في إطار حملة للتخلص من العمالة الوافدة المخالفة للقوانين.
وكانت اللجنة الوطنية للجان العمالية السعودية قد طالبت برفع الحد الأدنى لأجور السعوديين بالقطاع الخاص إلى 5837.50 ريال معتبرة أن ذلك هو الحد الأدنى الذي يوفر حياة كريمة للعامل.جدير بالذكر أن وزير العمل السعودي عادل الفقيه كان قد أصدر قرارا في سبتمبر 2012 حدد فيه الحد الأدنى للأجر للعامل السعودي بثلاثة الاف ريال شهريا.
وأفادت الوزارة بأنها تمكنت من توظيف أكثر من 615 ألف سعودي في القطاع الخاص، منذ الإعلان عن برنامج "نطاقات" العام الماضي الذي يهدف إلى تعزيز سعودة الوظائف.
ولا يعتد بالعامل السعودي الذي يحصل على راتب أقل من الحد الأدنى الحالي عند احتساب نسبة المواطنين في الشركة، وبالتالي لا تحصل الشركة على المزايا أو التسهيلات الممنوحة للمؤسسات التي تطبق سياسة التوطين.
وتظهر الدراسات أن عددا كبيرا من الشركات يعطي العامل الوافد أجرا أقل من الحد الأدنى المحدد لنظيره السعود، فهو يحصل عادة على نحو ألف ريال في الشهر كحد أدنى.
ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من دراسة مضاعفة الحد الأدنى للأجور خلال شهرين لرفع نتائجها إلى الملك عبد الله لحسم الأمر في الموضوع، إثر الفشل في الاتفاق بشأن شمول العمالة الوافدة بالحد الأدنى للأجور أسوة بالعمالة السعودية.
وكانت اللجنة الوطنية العمالية قد طالبت أثناء جلسات الحوار الاجتماعي، التي عقدت في جدة مؤخرا، بشمول العمالة الوافدة مع العمالة الوطنية في الحد الأدنى للرواتب يضمن "العيش اللائق لكل العمالة المحلية والأجنبية".
وحددت الدراسة الراتب الشهري ب5837 ريالاً كحد أدنى، اعتمادا على 4 عوامل رئيسية اعتمدتها الدراسة، وهي احتياجات العُمّال وأسرهم، والمستوى العام للأجور في السعودية، وتكاليف المعيشة وتغيراتها، والعوامل الاقتصادية.
ونقلت وسائل إعلام سعودية عن رئيس اللجنة نضال رضوان تصريحات أكد فيها أنه "لا يجب أن يعمل أي مواطن عامل بأقل من راتب 5837.50 ريالاً شهريا"، مشيرا إلى أن هذا الرقم جاء من خلال دراسة واقعية قامت بها اللجنة.
كما أوصت بمراجعة ودراسة الحد الأدنى للأجور كل سنتين، مع الأخذ في الاعتبار تغييرات تكاليف المعيشة وغير ذلك من الظروف الاقتصادية.
وأوضحت اللجنة ن أجور العمالة الوافدة في المملكة قد وضعت حاليا على أساس تكاليف المعيشة في بلدانها وليس المملكة.
وتشير دراسة قمت بها مجموعة هاي الاستشارية العالمية أن 5 بالمئة من السعوديين العاملين في القطاع الخاص يحصلون على رواتب تقل عن 3 ألاف ريال شهريا بينما يحصل 55 بالمئة من العمال الوافدين على أقل من هذا المبلغ كل شهر.
وأثارت جزئية مساواة العمالة الوافدة بالمواطنين حفيظة أصحاب الأعمال الذين يؤكدون أن ذلك سيلحق الضرر بالاقتصاد الوطني لأنه سيزيد بنسبة كبيرة التحويلات النقدية للعمالة الوافدة إلى بلدانها وسيترتب عليه تقليص السيولة في السوق المحلي وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتقدر التحويلات النقدية للعمالة الوافدة في السعودية بنحو 100 مليار ريال سنويا.
وأكد أصحاب الأعمال أن المستفيد الأكبر من وضع حد أدنى للأجور هو العمالة الوافدة التي تشكل أكثر من 90 بالمئة من العاملين في القطاع الخاص، ما سيساهم، في رأيهم، في القضاء على المنشآت الصغيرة.
وطالب اصحاب الأعمال بإجراء دراسة لمعرفة مدى الحاجة لوضع حد أدنى للأجور ومجال تطبيقه في حال إقراره.
ونتيجة لهذا الخلاف، تم تشكيل لجنة مشتركة بمشاركة وزارة العمل التي تنتظر التوصيات التي ستخرج بها اللجنة لاتخاذ موقف تجاه هذا الموضوع المثير للجدل.
ويرى مؤيدو رفع الحد الأدنى للأجور للسعوديين أن هذه الخطوة هي ضرورة حتمية ستنعكس على الاقتصاد السعودي إيجابيا وستقضي على العمالة الفائضة والمتسترة بالسوق المحلي.
ويؤكدون أن القطاع الخاص سيستفيد من رفع رواتب العمالة السعودية نتيجة عدم ترحيل الأموال الكبيرة إلى الخارج، وسيرفع من إنتاجية العمالة السعودية بالقطاع الخاص التي تقدر بنحو 800 ألف عامل يشكلون 10 بالمئة من مجمل العمالة، أما العمالة الوافدة فتزيد عن 8 ملايين عامل.
وشنت السعودية بدءا من شهر أبريل حملة صارمة على العمالة الأجنبية الغير مرخصة لديها، مع استحداث تعديل جديد في قانون العمل ينص على أن تغطي العمالة الوطنية نسبة 10% من وظائف الدولة.
ويتدافع يوميا عشرات الألاف من العمال لتوفيق أوضاعهم والحصول على تأشيرة خروج قبل انتهاء فترة السماح التي يبدأ بعدها اتخاذ إجراءات صارمة تجاه المخالفين الذين يقدر عددهم بما يفوق 200 ألف عامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق