كريمة إدريسي- هنا أمستردام - حين كان أحمد الفيتوري على سطح بيته، لم يخطر بباله أن السطح سيكون آخر مكان يوجد فيه حياً. اخترقت رصاصة طائشة جسده وأردته قتيلاً. بالقرب من بيته كان القتال على أشده بين متظاهرين وميليشيا. كان قتالا مدويا يخترق سماء بنغازي في ليلة الجمعة تلك، بعد أن أدى المصلون صلاة الجمعة في أمان، واستمتعوا بمباراة كرة القدم فوق ملعبهم بأمان وانتصار أيضاً.
نزيف بنغازي
لماذا تنزف بنغازي بدون توقف؟ ولماذا تعجز الحكومة على التدخل لهذا الحد وتسمي ما تخلفه قذائف صاروخية من موت ودمار "قضاء وقدراً"؟
الاعلامي عمر الكدي يؤكد أن الأمر تسير من سيء إلى أسوأ في بنغازي، بفعل ميليشيات مسلحة بأجندتها الأيديويوجية المختلفة، "لا تريد لليبيا، ولا لبنغازي تحديداً" أن تكون فيها مؤسسات أمنية او عسكرية تابعة للدولة.
ويذهب الكدي بعيداً في رصد سوداوية المشهد حين يظن أن ليبيا قد دخلت "العشرية السوداء" التي تشبه العشرية الجزائرية في التسعينات والعشرية العراقية بعد الاحتلال الأمريكي في 2003.
درع ليبيا 1
أحمد الجازوي، الناطق الرسمي باسم كتيبة درع ليبيا 1، يدافع عن شرعية الدروع ويستنكر وصفها بالمليشيات، فالدروع نشأت بقرار رقم 47 من شرعية الدولة وتابعة لرئاسة الأركان العامة، التي تتلقى منها تعليماتها. وتمثل قوات الجيش الاحتياطي، ولكنها تقوم بدور الجيش الليبي لحين استكمال تأسيس الجيش الليبي. ويؤكد على أن مكونات الدروع هم "ثوار قاتلوا في الجبهات في مواجهة كتائب القذافي". غير أن هناك إحصائيات، يشير إليها عمر الكدي من أن دروع ليبيا كانت درعاً واحداً فقط لا غير وتناسلت لتصبح 12 درعاً، معظمها تشكل بعد تحرير طرابلس ولم يكن لها دور في تحرير ليبيا من كتائب القذافي، ثم تفرعت وتأدلجت واستقلت وتبعت.
قرار
قرر أمراء قوات درع ليبيا بعد اجتماع لهم مع الحكومة في منتصف هذا الأسبوع، سحب جميع الدروع من مواقعها وتجميد نشاطاتها الى حين ظهور نتيجة تقصي حقائق ما حدث في بنغازي في "السبت الأسود" وفي الأسبوع الي تلاه.
يؤكد أحمد الجازوي أنه معسكر الدروع نهب عن آخره، وسرقت منه أسلحة وذخيرة بعدما حدث.
فقر ثقافي مدقع
محمد زينوبة، طالب وناشط مدني، يفسر الضريبة التي تدفعها بنغازي وليبيا عموما بأن مصدرها فقر مدقع في الثقافة السياسية والثقافة العامة في ليبيا. ويرى أن الحل في "تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية وقبولنا لبعضنا الآخر بكل اختلافاتنا والتعايش بأمن وأمان بيننا". لكن الكدي لا يرى ذلك كافيا، ما دامت ليبيا مهددة بجيش مؤدلج قد يتسبب في انقلابات مستمرة. "اذا لم تسعى القوات المسلحة وقوات الامن لاستدعاء كافة عناصر الجيش الليبي، ممن لم يشاركوا في قتل الثوار، واستدعاء كافة أفراد الشرطة الذين لا يزالون في بيوتهم ويتقاضون الرواتب، بالاضافة إلى ضرورة عودة رجل الشارع الذي قام بالثورة إلى الميادين، فإننا قد نضطر الى طلب الحماية من القبعات الزرق".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق