أثار وزير الداخلية الليبي عاشور شوايل الدهشة حين أكّد في حديث
تلفزيوني أخيراً اختراق المنظومة الأمنية للاتصالات في ليبيا من قِبل «جهات
معلومة وغير معلومة».
ولم يوضح الوزير الذي حرص مراراً وتكراراً على إبداء حرصه على الأمن، طبيعة الجهات التي تتلصص على مُكالمات الليبيين، بل أكد أن التجسّس طاوله شخصياً، بقوله انه على يقين من أنه «مراقب لاسلكيّاً».
وسبقت تصريح شوايل تحذيرات أثارها بعض نُشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، حين شكوا من تعرض حساباتهم الإلكترونية ومُكالماتهم الهاتفية، إلى التجسّس. ودعا هؤلاء النشطاء إلى وقف هذه الممارسات. لكن الوزير أعلن صراحة أن الاتصالات في ليبيا غير آمنة، ما أثار ردود فعل متباينة.
ورأى مراقبون أن عدم قدرة شركات الاتصالات التي تتبع القطاع العام في ليبيا، على حماية خصوصية المواطن، هو أمر في غاية الخطورة، كما أن عدم سيطرة الداخلية على هذه الممارسات، من شأنه تهديد السلم الأهلي والأمن القومي للبلاد.
وفي هذا السياق، أوضح مسؤول في وزارة الاتصالات الليبية طلب عدم نشر اسمه، أن لا علاقة للوزارة بعمليات التجسّس المذكورة. واستغرب هذا المسؤول تصريحات الوزير «غير المفهومة»، مشيراً إلى أن هذا النوع من التجسّس يحتاج إلى تقنيات عالية يعتقد أنها لا توجد إلا لدى أجهزة الاستخبارات. وأكّد أن مهندسي الاتصالات في ليبيا ليست لديهم قدرة على هذه الأمور، خصوصاً أنها تحدث في وقت يعاني المواطن في ليبيا من رداءة خدمة الاتصالات إضافة إلى ارتفاع أسعارها، وهما أمران يدفعان المستهلك إلى التملمُل من أداء الوزارة وخدماتها.
في المقابل، يؤكّد خبراء الاتصالات أن ما يعانيه المواطن الليبي ناتج من أن النظام السابق لم يفتح أبواب المنافسة لتقديم أفضل الخدمات. ويشيرون أيضاً إلى أن دخول الهاتف المحمول وشبكة الإنترنت إلى السوق المحلية، حدث في أواخر حقبة القذافي، ما أدى إلى اقتصار الخدمة على مُشغّل إنترنت محلي وشركتي هاتف محمول تعود ملكيتهما إلى القطاع العام. ويعتبرون أن هذه الأمور قضت على إمكان التنافس.
ولا تختلف الاتصالات في حقبة القذافي كثيراً عن حالها اليوم، على رغم محاولة وزارة الاتصالات في ليبيا زيادة الحصّة الشهرية لمستخدمي الإنترنت تارة وخفض أسعار مُكالمات الهاتف المحمول تارة أخرى. واستمر التجسّس على النشطاء وأهل السياسة في الحالين.
وأعادت تصريحات الوزير إلى الأذهان حقبة بوليسية بحتة، حين استعان القذافي بشركات تجسّس عالمية وتعمد إفهام الناس أن الاستخبارات التي رأسها عبدالله السنوسي، تستمع إلى أحاديثهم فرداً فرداً. وتبيّن أن مضمون مُكالمات النشطاء في حينه، سجلت حرفياً في تقارير استخدمت أدلة إدانة ضدهم. إذ شملت الإدانة مثلاً، أولئك الذين استطردوا في التململ من الوضع المعيشي على الهاتف.
ابحث عن ساركوزي
عام 2007، زار القذافي فرنسا. وحينها، كان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وزيراً للداخلية. وطلب القذافي المساعدة من شركة «إميسيز» التي تعاقدت معها الدولة الليبية بشأن الحصول على منظومات تقنيّة فائقة التطوّر، وتدريب خبراء في هذا المجال. وفي ذلك الحين أيضاً، تحرّك ناشطون ليبيون لرفع قضية دولية قوبلت بالرفض مرات عدة، إلى أن تمكّن المحامي الفرنسي باتريك بودان من تدويل القضية أخيراً، وفتح ملف التحقيق مجدداً. ويعتقد ناشطون أن الأجهزة ذاتها ما زالت مستخدمة، وبالطريقة ذاتها أيضاً.
وفي سياق التعليق على التصريحات «الملتبسة» الأخيرة لوزير الاتصالات، أوضح خبراء أمنيون لـ «الحياة» أن تصريحات الوزير أخطر من كونها مواجهة الشارع بالحقيقة، بل قد تدل على وجود اختراق أمني في ليبيا. وأشار هؤلاء إلى أن من يتجسّس على الاتصالات يهدف إلى التحكّم في المشهد السياسي الليبي، خصوصاً في ظل تردي أحوال الأمن في البلاد.
وكشف مصدر مطلع لـ «الحياة»، أن سيف الإسلام وهو النجل الأكبر لمعمر القذافي، كان يحتفظ بسيارة مجهزة بمنظومة تجسّس، ولكن لا أحد يعرف أين هي هذه السيارة حالياً. وفي السياق عينه، يعتقد أن هذه السيارة هي واحدة من أصل ثلاث سيارات مجهزة بمنظومة «إيغل» للتجسّس على الإنترنت، التي تتمتع بمواصفات تقنيّة متقدّمة جداً. ويعتقد البعض بأن جهاز الاستخبارات الليبي الحالي، يحتفظ بإحدى المنظومتين المتبقيتين.
وسبق لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن أشارت إلى أن نظام» إيغل» الذي طوّرته «أميسيز» لمصلحة ليبيا عام 2007، سمح لأجهزة القذافي الأمنية باعتراض البريد الإلكتروني والمحادثات التي كانت تجرى عبر الإنترنت، وضمنها الرسائل المتبادلة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك». وأوضحت الصحيفة أن التجسّس الإلكتروني المتطوّر من جانب حكومة القذافي، تصاعد مع انطلاق الثورة في شباط ( فبراير) 2011.
وكشفت الصحيفة عينها عن وجود مركز للمراقبة الإلكترونية في طرابلس، جرى تجهيزه بمعدات نظام «إيغل»، ما جعله قادراً على اعتراض رسائل البريد الإلكتروني، إضافة إلى تفكيك الرموز الرقمية والشيفرات الإلكترونية، وتحديد أماكن وجود مستخدمي وسائل التواصل الإلكترونية وشبكاتها. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» أيضاً إلى أن ملفات المراقبة في أجهزة القذافي، أظهرت أنه استعان بتقنيات متطوّرة للتجسّس على المنشقين الليبيين والصحافيين وناشطي حقوق الإنسان، بل كل مناهض لنظامه الآفل.
ولم يوضح الوزير الذي حرص مراراً وتكراراً على إبداء حرصه على الأمن، طبيعة الجهات التي تتلصص على مُكالمات الليبيين، بل أكد أن التجسّس طاوله شخصياً، بقوله انه على يقين من أنه «مراقب لاسلكيّاً».
وسبقت تصريح شوايل تحذيرات أثارها بعض نُشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، حين شكوا من تعرض حساباتهم الإلكترونية ومُكالماتهم الهاتفية، إلى التجسّس. ودعا هؤلاء النشطاء إلى وقف هذه الممارسات. لكن الوزير أعلن صراحة أن الاتصالات في ليبيا غير آمنة، ما أثار ردود فعل متباينة.
ورأى مراقبون أن عدم قدرة شركات الاتصالات التي تتبع القطاع العام في ليبيا، على حماية خصوصية المواطن، هو أمر في غاية الخطورة، كما أن عدم سيطرة الداخلية على هذه الممارسات، من شأنه تهديد السلم الأهلي والأمن القومي للبلاد.
وفي هذا السياق، أوضح مسؤول في وزارة الاتصالات الليبية طلب عدم نشر اسمه، أن لا علاقة للوزارة بعمليات التجسّس المذكورة. واستغرب هذا المسؤول تصريحات الوزير «غير المفهومة»، مشيراً إلى أن هذا النوع من التجسّس يحتاج إلى تقنيات عالية يعتقد أنها لا توجد إلا لدى أجهزة الاستخبارات. وأكّد أن مهندسي الاتصالات في ليبيا ليست لديهم قدرة على هذه الأمور، خصوصاً أنها تحدث في وقت يعاني المواطن في ليبيا من رداءة خدمة الاتصالات إضافة إلى ارتفاع أسعارها، وهما أمران يدفعان المستهلك إلى التملمُل من أداء الوزارة وخدماتها.
في المقابل، يؤكّد خبراء الاتصالات أن ما يعانيه المواطن الليبي ناتج من أن النظام السابق لم يفتح أبواب المنافسة لتقديم أفضل الخدمات. ويشيرون أيضاً إلى أن دخول الهاتف المحمول وشبكة الإنترنت إلى السوق المحلية، حدث في أواخر حقبة القذافي، ما أدى إلى اقتصار الخدمة على مُشغّل إنترنت محلي وشركتي هاتف محمول تعود ملكيتهما إلى القطاع العام. ويعتبرون أن هذه الأمور قضت على إمكان التنافس.
ولا تختلف الاتصالات في حقبة القذافي كثيراً عن حالها اليوم، على رغم محاولة وزارة الاتصالات في ليبيا زيادة الحصّة الشهرية لمستخدمي الإنترنت تارة وخفض أسعار مُكالمات الهاتف المحمول تارة أخرى. واستمر التجسّس على النشطاء وأهل السياسة في الحالين.
وأعادت تصريحات الوزير إلى الأذهان حقبة بوليسية بحتة، حين استعان القذافي بشركات تجسّس عالمية وتعمد إفهام الناس أن الاستخبارات التي رأسها عبدالله السنوسي، تستمع إلى أحاديثهم فرداً فرداً. وتبيّن أن مضمون مُكالمات النشطاء في حينه، سجلت حرفياً في تقارير استخدمت أدلة إدانة ضدهم. إذ شملت الإدانة مثلاً، أولئك الذين استطردوا في التململ من الوضع المعيشي على الهاتف.
ابحث عن ساركوزي
عام 2007، زار القذافي فرنسا. وحينها، كان الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وزيراً للداخلية. وطلب القذافي المساعدة من شركة «إميسيز» التي تعاقدت معها الدولة الليبية بشأن الحصول على منظومات تقنيّة فائقة التطوّر، وتدريب خبراء في هذا المجال. وفي ذلك الحين أيضاً، تحرّك ناشطون ليبيون لرفع قضية دولية قوبلت بالرفض مرات عدة، إلى أن تمكّن المحامي الفرنسي باتريك بودان من تدويل القضية أخيراً، وفتح ملف التحقيق مجدداً. ويعتقد ناشطون أن الأجهزة ذاتها ما زالت مستخدمة، وبالطريقة ذاتها أيضاً.
وفي سياق التعليق على التصريحات «الملتبسة» الأخيرة لوزير الاتصالات، أوضح خبراء أمنيون لـ «الحياة» أن تصريحات الوزير أخطر من كونها مواجهة الشارع بالحقيقة، بل قد تدل على وجود اختراق أمني في ليبيا. وأشار هؤلاء إلى أن من يتجسّس على الاتصالات يهدف إلى التحكّم في المشهد السياسي الليبي، خصوصاً في ظل تردي أحوال الأمن في البلاد.
وكشف مصدر مطلع لـ «الحياة»، أن سيف الإسلام وهو النجل الأكبر لمعمر القذافي، كان يحتفظ بسيارة مجهزة بمنظومة تجسّس، ولكن لا أحد يعرف أين هي هذه السيارة حالياً. وفي السياق عينه، يعتقد أن هذه السيارة هي واحدة من أصل ثلاث سيارات مجهزة بمنظومة «إيغل» للتجسّس على الإنترنت، التي تتمتع بمواصفات تقنيّة متقدّمة جداً. ويعتقد البعض بأن جهاز الاستخبارات الليبي الحالي، يحتفظ بإحدى المنظومتين المتبقيتين.
وسبق لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن أشارت إلى أن نظام» إيغل» الذي طوّرته «أميسيز» لمصلحة ليبيا عام 2007، سمح لأجهزة القذافي الأمنية باعتراض البريد الإلكتروني والمحادثات التي كانت تجرى عبر الإنترنت، وضمنها الرسائل المتبادلة عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك». وأوضحت الصحيفة أن التجسّس الإلكتروني المتطوّر من جانب حكومة القذافي، تصاعد مع انطلاق الثورة في شباط ( فبراير) 2011.
وكشفت الصحيفة عينها عن وجود مركز للمراقبة الإلكترونية في طرابلس، جرى تجهيزه بمعدات نظام «إيغل»، ما جعله قادراً على اعتراض رسائل البريد الإلكتروني، إضافة إلى تفكيك الرموز الرقمية والشيفرات الإلكترونية، وتحديد أماكن وجود مستخدمي وسائل التواصل الإلكترونية وشبكاتها. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» أيضاً إلى أن ملفات المراقبة في أجهزة القذافي، أظهرت أنه استعان بتقنيات متطوّرة للتجسّس على المنشقين الليبيين والصحافيين وناشطي حقوق الإنسان، بل كل مناهض لنظامه الآفل.
جريدة الحياة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق