تونس – خاص بـالقدس- من رشيد خشانة - قبل أيام أضرم محتجون النار في مقر
قناة "الشبابية" الفضائية الليبية في العاصمة طرابلس، في مؤشر جديد على
المخاطر التي يتعرض لها الاعلاميون في هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة. وفي
سياق الصراع السياسي بين القوى الساعية لتأسيس نظام ديموقراطي ينهض على
المؤسسات وينبثق من انتخابات حرة، والقوى المتشددة العاملة
على إحباط التجربة الديموقراطية اليافعة بدعوى أنها كفر وأن الانتخابات
خروج عن الشرع، يجد الاعلاميون الليبيون أنفسهم مُعرضين لجميع أنواع
المخاطر بما فيها السجن والخطف والتصفية.
ويمكن القول إن مأساة عمارة حسن الخطابي (67 عاما)، رئيس تحرير جريدة "الأمة" اليومية الليبية، الذي ظل رهن الاعتقال منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2012 إلى أبريل (نيسان) 2013، تختزل المشهد الاعلامي المُحزن في ليبيا، بعد أكثر من عشرين شهرا على انتصار الثورة على نظام معمر القذافي، فقد سُجن وصودر عددان من صحيفته قبل أن تُضطر للاحتجاب. ووُجهت إليه تهمة التشهير وإهانة مسؤولين قضائيين، ولم يُخل سبيله إلا بكفالة بعد خوضه إضرابا عن الطعام وانطلاق حملة داخلية ودولية للتضامن معه. وأتت هذه الملاحقة القضائية في أعقاب نشره لائحة ضمت 87 قاضيا، اعتبر أنهم يمثلون رموز الفساد القضائي في ظل النظام السابق. واعتمدت التهم على مقال صدر في جريدة "الأمة" يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعنوان "القائمة السوداء في القضاء".
وذكر الخطابي في مقدمة المقال أن جريدة "الأمة" حصلت على تلك القائمة من مصدر لم تذكر اسمه، وأنها تُعيد طباعتها كما هي. وكان الخطابي أول صحفي يُحاكم في ليبيا منذ خلع القذافي، وذلك في 1 أبريل (نيسان) بتهمة إهانة السلطات، استنادا على المادة 195 من قانون العقوبات الذي يعود إلى حقبة النظام البائد، ويصل عقاب هذه الجريمة إلى 15 سنة سجنا. وعلى هذا الأساس طالبت منظمات دولية من بينها "هيومن رايتس ووتش" بمراجعة ترسانة القوانين السالبة للحرية في ليبيا وإلغاء تهمة إهانة المسؤولين في الدولة، بسبب التباسها الذي يؤدي إلى الخلط بين النقد والتشهير، "كي لا يواجه أي شخص عقوبة بالسجن بسبب تلك المخالفة".
واللافت أن المطالب الفئوية للإعلاميين تحولت إلى مطالب عامة، إذ أكد العاملون بإذاعة "غريان الحرة" أن المطالب التي رفعها زملاؤهم بقناة "ليبيا الوطنية" هي مطالب كل الليبيين وهي تحقيق الأمن وتأكيد شرعية الدولة المتمثلة في المؤتمر الوطني العام والحكومة الليبية. وبات مألوفا أن تعمد جماعات مسلحة إلى الهجوم على مقرات محطات إذاعية أو تليفزيونية أو صحف للقصاص من مسؤولين أو صحفيين تعتبرهم معادين للثورة، من دون اللجوء للقضاء. وعانى الصحفيون أكثر من سواهم من جبروت تلك الجماعات التي حلت محل الدولة وخاصة العاملون في قناة "ليبيا الوطنية" (التابعة للدولة) الذين فوجئوا بعناصر إحدى الميليشيات تقتحم مكاتب القناة وتوسعهم ضربا. ولم يجد الصحفيون والتقنيون من وسيلة للإحتجاج سوى الإضراب ووقف بث برامج القناة، مُعتبرين أن ما حدث لقناة "ليبيا الوطنية" وما تعرض له العاملون فيها كان نتيجة لعدم تأمين الحماية الكافية لمختلف المؤسسات الإعلامية ومن بينها القناة الرسمية للدولة". وقبل ذلك بيوم واحد نظم العاملون في "إذاعة غريان الحرة" وقفة احتجاجية تضامنا مع زملائهم الإعلاميين من المعتصمين بقناة ليبيا الوطنية (القناة الرسمية للدولة) للمطالبة بحقوقهم واحتجاجا على ما اعتبروه انتهاكات أمنية تتعرض لها القناة.
هكذا يبدو الانتقال من عصر البروباغندا إلى عصر الإعلام مسارا معقدا ومؤلما في ليبيا الجديدة لأن كل شيء في هذا البلد الذي عانى من قطع أشجار الصحافة واقتلاع منابتها، طيلة أكثر من أربعين عاما، ينطلق من الصفر. من هذه الزاوية يُشبه الوضع الليبي حالة بعض الجمهوريات الآسيوية السابقة قبل انهيار المعسكر السوفياتي التي كانت شبه مقطوعة عن العالم، حيث كان الدكتاتور يُعامل مثل إله على الأرض. ولعل ليبيا هي البلد الوحيد اليوم بين البلدان العربية الذي لا توجد فيه بطاقات مهنية للصحفيين، ولا مرجعية قانونية للصحافة ولا مؤسسات تكوين أو مراكز تدريب للإعلاميين.
لكن من المفارقات أن الصحفيين الأجانب العاملين في ليبيا يتحركون بحرية كاملة، ومن دون أن يُطالبهم أحد بالحصول على اعتماد أو يُراقب ما يكتبون، خلافا لبلدان عربية أخرى، مثلما أكد ذلك الصحافيان الفرنسيان ماتيو غالتيي، وماريلين دوما لزميلتهما في صحيفة "ليبراسيون" أنا كوكساك.
ويمكن القول إن مأساة عمارة حسن الخطابي (67 عاما)، رئيس تحرير جريدة "الأمة" اليومية الليبية، الذي ظل رهن الاعتقال منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2012 إلى أبريل (نيسان) 2013، تختزل المشهد الاعلامي المُحزن في ليبيا، بعد أكثر من عشرين شهرا على انتصار الثورة على نظام معمر القذافي، فقد سُجن وصودر عددان من صحيفته قبل أن تُضطر للاحتجاب. ووُجهت إليه تهمة التشهير وإهانة مسؤولين قضائيين، ولم يُخل سبيله إلا بكفالة بعد خوضه إضرابا عن الطعام وانطلاق حملة داخلية ودولية للتضامن معه. وأتت هذه الملاحقة القضائية في أعقاب نشره لائحة ضمت 87 قاضيا، اعتبر أنهم يمثلون رموز الفساد القضائي في ظل النظام السابق. واعتمدت التهم على مقال صدر في جريدة "الأمة" يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعنوان "القائمة السوداء في القضاء".
وذكر الخطابي في مقدمة المقال أن جريدة "الأمة" حصلت على تلك القائمة من مصدر لم تذكر اسمه، وأنها تُعيد طباعتها كما هي. وكان الخطابي أول صحفي يُحاكم في ليبيا منذ خلع القذافي، وذلك في 1 أبريل (نيسان) بتهمة إهانة السلطات، استنادا على المادة 195 من قانون العقوبات الذي يعود إلى حقبة النظام البائد، ويصل عقاب هذه الجريمة إلى 15 سنة سجنا. وعلى هذا الأساس طالبت منظمات دولية من بينها "هيومن رايتس ووتش" بمراجعة ترسانة القوانين السالبة للحرية في ليبيا وإلغاء تهمة إهانة المسؤولين في الدولة، بسبب التباسها الذي يؤدي إلى الخلط بين النقد والتشهير، "كي لا يواجه أي شخص عقوبة بالسجن بسبب تلك المخالفة".
واللافت أن المطالب الفئوية للإعلاميين تحولت إلى مطالب عامة، إذ أكد العاملون بإذاعة "غريان الحرة" أن المطالب التي رفعها زملاؤهم بقناة "ليبيا الوطنية" هي مطالب كل الليبيين وهي تحقيق الأمن وتأكيد شرعية الدولة المتمثلة في المؤتمر الوطني العام والحكومة الليبية. وبات مألوفا أن تعمد جماعات مسلحة إلى الهجوم على مقرات محطات إذاعية أو تليفزيونية أو صحف للقصاص من مسؤولين أو صحفيين تعتبرهم معادين للثورة، من دون اللجوء للقضاء. وعانى الصحفيون أكثر من سواهم من جبروت تلك الجماعات التي حلت محل الدولة وخاصة العاملون في قناة "ليبيا الوطنية" (التابعة للدولة) الذين فوجئوا بعناصر إحدى الميليشيات تقتحم مكاتب القناة وتوسعهم ضربا. ولم يجد الصحفيون والتقنيون من وسيلة للإحتجاج سوى الإضراب ووقف بث برامج القناة، مُعتبرين أن ما حدث لقناة "ليبيا الوطنية" وما تعرض له العاملون فيها كان نتيجة لعدم تأمين الحماية الكافية لمختلف المؤسسات الإعلامية ومن بينها القناة الرسمية للدولة". وقبل ذلك بيوم واحد نظم العاملون في "إذاعة غريان الحرة" وقفة احتجاجية تضامنا مع زملائهم الإعلاميين من المعتصمين بقناة ليبيا الوطنية (القناة الرسمية للدولة) للمطالبة بحقوقهم واحتجاجا على ما اعتبروه انتهاكات أمنية تتعرض لها القناة.
هكذا يبدو الانتقال من عصر البروباغندا إلى عصر الإعلام مسارا معقدا ومؤلما في ليبيا الجديدة لأن كل شيء في هذا البلد الذي عانى من قطع أشجار الصحافة واقتلاع منابتها، طيلة أكثر من أربعين عاما، ينطلق من الصفر. من هذه الزاوية يُشبه الوضع الليبي حالة بعض الجمهوريات الآسيوية السابقة قبل انهيار المعسكر السوفياتي التي كانت شبه مقطوعة عن العالم، حيث كان الدكتاتور يُعامل مثل إله على الأرض. ولعل ليبيا هي البلد الوحيد اليوم بين البلدان العربية الذي لا توجد فيه بطاقات مهنية للصحفيين، ولا مرجعية قانونية للصحافة ولا مؤسسات تكوين أو مراكز تدريب للإعلاميين.
لكن من المفارقات أن الصحفيين الأجانب العاملين في ليبيا يتحركون بحرية كاملة، ومن دون أن يُطالبهم أحد بالحصول على اعتماد أو يُراقب ما يكتبون، خلافا لبلدان عربية أخرى، مثلما أكد ذلك الصحافيان الفرنسيان ماتيو غالتيي، وماريلين دوما لزميلتهما في صحيفة "ليبراسيون" أنا كوكساك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق