” ليبيا الجديدة ” سألت الاختصاصيين كيف نصنع من هؤلاء الشباب
عناوين فكرية واجتماعية عظيمة، ولماذا بات الشباب يفرغون طاقاتهم بشكل
سلبي.
الدكتور (خالد سليمان العبيدي) أستاذ علم النفس قال: للأسف
واقع الكثير من الشباب ذكوراً واناثاً يبعث الحزن في النفس، شبابنا
البعض يعاني من عقدة ” الأنا وتضخيم الذات ” والبعض يعاني من عقدة ” من
أكون ” وبين هذا وذاك تختلف الاضطرابات النفسية، أما أهم ما نشاهده من
تصرفات نفسية قد تكون في موضع التساؤل تهديد البعض باستخدام السلاح وقيام
الآخرين بالاستعراض بالسرعة أثناء قيادة السيارات، أيضاً هناك ظاهرة أعرف
وأعلم وقيل لي تنتشر بين الشباب والفتيات عند الحديث في محاولة للإيحاء
بالثقافة والمعرفة بالسياسة مثلاً، موضحاً أن ما يمر به الشباب من تفخيم
الذات يعود بطبيعة الحال إلى أسباب تربوية أو نفسية ذاتية أو اجتماعية.
وأضاف للأسف يجب الاعتراف بأن أعداد المصابين بعقدة ” تضخيم
الذات ” في ازدياد بشكل كبير ولعل هذا مرده إلى اعتراض البعض على النمط
الاجتماعي وأَوْجُه الاعتراض قد تُعنى بالعادات أو القيم الأسرية أو البيئة
المحيطة، وأحياناً قد تدعم الأسرة أو المجتمع، هذا الشعور عند الأفراد من
خلال شيوع بعض الأفكار كالمستوى العائلي والاجتماعي والطبقي وكذلك ظهور
اتجاهات ثقافية تتركز حول انخفاض قيمة المجتمع وما يقدمه من خدمات، مضيفاً
أنه كلما ازداد التفكير السلبي نحو الذات سعى كل فرد بالمجتمع في مرحلة
الشباب من كلا الجنسين إلى استخدام صور غير حقيقية نحو ذاته وغير مطابقة
لمجتمعه.
الدكتور (أحمد محمد الجابري) موجه تربوي قال:
تتعدد صفات كل مرحلة عمرية وبمجرد دخول الإنسان إلى مرحلة المراهقة تكون
لديه الرغبة في بعض السلوكيات كحب الظهور والمباهاة ولفت الانتباه،
بالإضافة إلى تصرفات أخرى يحاول من خلالها الشاب إبراز ذاته واستعراض قوته
وما لديه من إمكانات، وقد تكون بعض التصرفات إلى حد ما مقبولة لكن البعض من
الشباب يبالغ في تصرفاته التي قد تصل لمرحلة الإيذاء كقتل نفس أو التخريب
أو العبث أو كسر القوانين مثل الاستعراضات الجنونية لسرعة السيارات وإيذاء
المارة، وقد يكون الإيذاء في شكل تحرش وغيرها من السلوكيات الجانحة التي قد
تدل على اختلال سلوكي أو اضطراب نفسي.
وأوضح أن لكل فعل ردة فعل حسب الحالة النفسية والاجتماعية
والبيولوجية التي تدفع البعض لسلوكيات اجتماعية خاطئة منها الشعور بالنقص
والتمركز حول الذات، والأنانية، والإحباط، والاضطرابات النفسية، والتقليد،
والمحاكاة، وأزمات الهوية، وفقدان الثقة بالنفس، والفراغ، وقلة الاهتمامات،
إلى غير ذلك من التفسيرات البيولوجية مثل الخلل الجيني والاضطراب الهرموني
الناتج عن الأمراض وتعاطي المخدرات.
الأستاذة (أمل جمعة التاجوري) اختصاصية اجتماعية قالت:
مظاهر الاستعراض التي يقوم بها الشباب ليست جديدة على المجتمع ولكن
الملاحظ انها تتغير من سلوكيات لأخرى حسب الظروف والبيئة ففي السابق كان
الاستعراض بالقوة العضلية، ومحاولة تقليد بعض التقليعات الغريبة سواء في
الملبس أو في قصات الشعر، أما اليوم فواقع الحال يختلف كثيراً حيث يسعى بعض
الشباب إلى تفريغ طاقته بشكل مخالف وأياً كانت التصرفات من أجل الوصول إلى
التميز ولو بالشكل السلبي حتى وصلت للقتل.
وأضافت غالبا ما نشاهد الاستعراضات في مختلف الأماكن العامة
وحتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي نلمس ” تضخيم الذات ” عند الكثيرين فمن
خلال طريقة الحديث والحوار مع الآخرين والنقاش يعي المتابع ذلك فكما كان
الشاب يتحدث عن إنجازاته وعن مشاعر التفوق التي يشعر بها عندما يستعرض
قدراته وثقافته وعلمه بخفايا الأشياء واتساع علاقاته الاجتماعية التي تربطه
بأصحاب السلطة أو المال وعن استعراضاته بالسيارات الفارهة أو بالهوايات
الخطرة بات اليوم يتحدث عن قصص الجبهات وقسوة المعارك، ايضاً قد يعمد البعض
من الشباب إلى إبراز واستعراض أجهزة الهواتف المحمولة في أي مكان يتواجدون
به بل يصل الأمر في بعض الأحيان إلى أن البعض منهم يتظاهر بانشغاله بتعدد
أجهزته وكثافة الاتصالات عليه وذلك بشكل استعراضي يوحي للآخرين على أهمية
هذا الشخص وتعدد مسؤولياته وهو في واقع الحال يشكو الفراغ والإحباط.
الدكتور (محمود مسعود جلغم) استشاري الطب النفسي قال:
لاشك أن تنمية الشخصية وتطوير المهارات الشخصية يحقق الذات الإيجابية التي
من المفترض أن تتسم بالعقلانية والثبات وهذه الذات الإيجابية تتأثر عادة
بالظروف المحيطة، وكما أن هناك من يعرف الجوانب الإيجابية لذاته هناك من
يفقد بصيرة ذاته ويفقد الصفات والسمات الإيجابية للذات وبالتالي يكون لديه
خواء نفسي وشعور بضعف الثقة بالنفس عندها يعمد إلى الالتفاف على الذات بعمل
سلوكيات وأفعال يحاول فيها أن يبدو على غير واقعه الحقيقي لمحاولة شد
الانتباه للآخرين وهذا يعرف بتضخيم الذات وعندما يتم مواجهة أحدهم بحقيقة
استعراضه لذاته يعتريه القلق والتوتر والعصبية وربما العدوانية، لأن ذلك
يعد تهديداً لتلك الذات المزيفة، وأضاف هذه الفئة من البشر عادة ما تقوم
بأفعال وأعمال غير مقبولة كالتحايل أو فقدان الإحساس بالآخرين، أيضا هذه
الفئة كثيراً ما تكون عرضة للأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب والاضطرابات
الشخصية والميل إلى تعاطي المخدرات.
واوضح أن الفئة المصابة بالأمراض النفسية قد تتجاوز المرض
وتتماثل للشفاء متى ما تم التعرف على إيجابيات وسلبيات الشخصية وتحقيق
الأمان النفسي لها أولاً ومن ثم العلاج الاستبصاري وذلك بالعودة إلى
العقلانية وتنمية الثقة بالنفس والتعرف على الحيل الدفاعية غير الناضجة
والتعامل معها من خلال العلاج التحليلي وحلحلة العوامل المؤثرة سلباً.
الأستاذة (ريم صالح الورفلي) معالجة نفسية قالت: بالفعل
يعاني الكثير من الشباب من الجنسين بالكثير من الأمراض النفسية التي قد
تبدو للأهالي غير ذات أهمية رغم المشاكل التي قد تحدث من المريض، وعدم
اعتراف الأهالي بالمرض أو التكتم عليه من شأنه أن يزيد من وضع المريض سوءاً
ولعل واقع الكثير من الشباب اليوم يبعت الحزن بالنفس.
وأضافت أن ثقافة تقييم الناس من خلال المظاهر الاجتماعية أحد
أهم الأسباب التي قادت الشباب إلى السير وراء السلوكيات السلبية حيث ساهمت
التربية الأسرية والاجتماعية في غرس مفهومها لدى الكثير منهم منذ أن كانوا
أطفالاً من خلال تأثرهم بتصرفات ذويهم، إذ يعتقد الكثير منهم أن أول ما
يلفت الانتباه هو المظهر العام، وبالتالي يتم التعامل معه على هذا الأساس،
لهذا يندفع البعض منهم إلى اقتناء أشياء ليست في حدود إمكاناتهم المادية؛
اعتقاداً منهم أن عدم امتلاكهم لذلك الشيء يقلل من شأنهم لدى الآخرين أو
خوفاً من ألا يكونوا مقبولين اجتماعياً، أما واقع الحال اليوم فهو يوضح
سلبيات من نوع جديد وهو محاولة إثبات البطولة من خلال سرد قصص وقصص عن
المشاركة في معارك هي ما بين الحقيقة والخيال اعتقاداً بأن ذلك سيمكنهم من
إقناع الآخرين به وبأنه سيكون مقبولاً اجتماعيا أكثر.
استطلاع … ربيعة عمار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق