اللغة عملية انتاج: بين مراجع والسندوتش: لـ #فوزي_عمار_اللولكي

فوزي عمار اللولكي

هنالك علاقة قوية بين اللغة والانتاج فالذي ينتج هو الذي يسمي . فعندما يولد طفل لأسرة فهم من يسمونه ونحن مجبرون بمناداته بهذا الاسم سواء ان كان اسمه "مراجع" او "جون". و للغة علاقة بالمستوى التعليمي فتجد من يتكلم العربية بطلاقة رغم انه حبشيا او تركيا ولنا في سيبويه افضل مثال وهو الفارسي .

لقد انتبه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم مبكرا لهذا الطرح حين قال : (من تكلم العربية فهو عربي) ووظفها احسن توظيف و هو القائد السياسي لهذه الامة .

اليوم اللغة لم تعد تحسب بعدد المرادفات والفخر باننا لدينا خمسون اسم للصحراء وعشرون اسم للسيف وستون اسم للكلب، وكما قال الشاعر ابو العلاء المعري حين ارتطم به احد الأمراء العباسيين وهو داخل الي مجلس والده فقال الغلام وهو ينظر للمعري وكان المعري اعمي رث الثياب قال : (من هذا الكلب؟! فرد المعري : الكلب الذي لا يحفظ ستون اسم للكلب.)

لقد كان الرد مفحما و في محله في حينها اما اليوم فلا معني ان نحفظ عدد المرادفات رغم اعتراض النحوييين مثل ابن جني بانه لا يوجد شيئ اسمه مرادفات في اللغة العربية بل ان لكل كلمة معنى حسب الزمان وإلمكان والوقت والعمر فالصحراء تختلف من مكان لآخر ومن حيث انها رمل او حصى والكلب يختلف من عمر لآخر وحسب النوع.

وهكذا وبرغم تنوع وغزارة المفردات في لغتنا العربية  الا انها وقفت عاجزة عن ترجمة  "ساندوتش" لانها ببساطة لم تنتجها.

اليوم تكاد اللغة ان تحتضر و تتجه رويدا نحو المتحف لحد ما. وتواجه اللغة العربية عملية انقراض مثل كثيرا من اللغات لتوقفها عن الانتاج. فلقد كانت العربية لغة حية حين  كان تنتج اللغورتيمات والجبر وسميت باسمها حتي اليوم. 

شخصيا استغرب الدعوة لإحياء لغات ميته مثل الامازيغية، اذا كانت لغة عظيمة مثل العربية تواجه انقراضاً وما يحميها سوي النص المقدس وهو القرآن التي كتبت به .

مما لاشك فيه ان للامازيغ الحق كما للتوارق والتبو كل الحق بالحديث بلغتهم وتسمية اسمائهم، ولكننا لا نتحدث هنا على ان اللغة كأداة تواصل  وخطاب ثقافي واجتماعي ذات معنى ومفهوم مدلولي ينحصر حضورها لتداول المكان والهوية الثقافية، نحن نتكلم عن لغة العصر المحكية اليوم والتي تتجدد وتدخل لها مصطلحات جديدة كل يوم.

اللغة التى لا يتكلم بها العالم يتم تجاوزها وتعتبر لغة الكهوف. اللغة التي  لن يستطيع ان يتخاطب بها ابراج مراقبة الطيران ولا قواعد ابحاث الفضاء ولا البنوك ولا مراكز ابحاث الطب ولا مشغلين مصانع ملابس الأزياء و العطور ولا تستدعي في رموز صناعة الناقلات ولا امكنة تجميع اللاب توب والاى باد؟! يبقى الاجتهاد يصبح محصور داخل البيت منجز هذه اللغة .

تقول اليونيسكو ان اكثر من الفين وخمسمائة لغة تتجه نحو الانقراض اليوم . اذا لاحياء اي لغة لابد من العودة للإنتاج الفكري والصناعي والاجتماعي والسياسي ولان الانتاج لا يحدث الا في مناخ الحرية فلا إبداع و انتاج بدون حرية، الحل هو إشاعة مناخ الحرية والا لن يبقي لنا من اللغة الا مراجع وكل سلبيات الاسم.

الكاف