بورزو دراغي - درنة - الفاينانشال تايمز
قد
تبدو لحية الشاعر الكثة والخشنة مثل تلك التي يربيها رجال الميليشيات
المتشددين الذين يجوبون ليبيا والدعاة الذين يملأون مساجد مدينته (درنة).
وهي التي بسببها اعتقل بضعة مرات على أنه إسلامي خلال حكم العقيد معمر
القذافي.
لكن سالم العوكلي 52 عاماً، الشاعر ذو اللسان الذرب، قد يكون ايضاً، كما يصف نفسه، آخر علماني في درنة المدينة الساحلية الليبية.
ويضيف مبتسماً "انها لحية علمانية، وليست لحية إسلامية، الكثير من الناس لا يعرفون الفرق."
والمدينة
الخلابة على البحر المتوسط تعتبر على نطاق واسع الأكثر ورعاً في ليبيا،
والذي يمكن القول أنه البلد الأكثر تدينا في شمال أفريقيا.
لقد
عززت ثورات الربيع العربي من قوة الإسلاميين في جميع أنحاء المنطقة، مما
اتاح لهم نفوذاً غير مسبوق في السياسة والمجتمع. لكن استمرار حضور السيد
العوكلي، 52 عاما، في الحياة العامة يظهر أن جذوة العلمانية والليبرالية لا
تزال مستعرة.
وبالرغم
من محاصرته من قبل الإسلاميين من مختلف المشارب، بما في ذلك أولئك الذين
يرفعون بنادق الكلاشينكوف، ويسمون امثاله بالكفار، فانه لا يزال يكتب
المقالات، ويدخل في مناقشات مع رجال الدين ويتحدث إلى الشباب، الذين
يتوافدون من حوله بدافع الفضول.
السيد
العوكلي، وهو مهندس فضلا عن تأليفه ما يقرب من دزينة من الكتب، يعترف انه
حالة شاذة في درنة. لكنه ليس العلماني الملتزم الوحيد الذي يجرؤ على رفع
رأسه في المنطقة.
فالآلاف
يخرجون بشكل متواصل في "مسيرات العلمانية" بلبنان. كما أطلق مجموعة من
المغتربين العرب موقعا جديدا باللغة الإنجليزية اطلقوا عليه اسم، العرب
الاحرار، لتعزيز رؤيتهم لمنطقة خالية من الدين السياسي.
ولكن
على عكس المثقفين العلمانيين العرب على تويتر وسي ان ان، فإن السيد
العوكلي لم يعش في الخارج ابداً، ولا يتحدث أية لغات أجنبية ويملأ شعره
ونثره بإشارات عن العالم العربي ومسقط رأسه.
وهو
ما يجعل من الصعب تسميته بمغفل من الغرب، كما يتهكم الإسلاميين عادة
بالليبراليين والعلمانيين، وربما يكون ذلك هو السبب في انه تمكن من البقاء
على قيد الحياة بل والازدهار. بل إن حتى افراد ميليشيا اسلامية يشيرون إليه
كنوع من المشاهير المحليين.
وعرض
السيد العوكلي تفسيراً عن كيفية وصول الإسلاميين للانتصار في العالم
العربي في أعقاب سلسلة من الثورات، وكيف أن سيطرتهم قد لا تستمر، وكيف يمكن
التغلب عليهم.
وقال
"لقد جاء الربيع العربي في وقت عندما كان التيار الإسلامي قد بلغ ذروته،"
وتوقع أن نجم الإسلاميين سوف يتلاشى حتما. "إن الحركات الإسلامية التي تم
تشكيلها من قبل مختلف الأنظمة القمعية، لديها نفس فكر الأنظمة القمعية."
وفي
الوقت الذي يقوم فيه الأصوليين الدينيين المدججين بالاسلحة في ليبيا،
بتهديد منافسيهم ومهاجمة الأضرحة الصوفية فإن السيد العوكلي يتصرف بجرأة.
فهو يكتب عمودا في صحيفة أسبوعية مركزاً على مخاطر حكم الاسلاميين كما أن
شعره يقترب في بعض الأحيان من حدود الاثارة الجنسية. وعلى الرغم من وصفه
لنفسه بأنه "مسلم علماني"، إلا انه نادرا ما يصلي، ويحتسي أحياناً بعض
النبيذ.
لكن
رغبته في التفاعل علنا مع الشباب ورجال الدين حول أمور الدين قد يكون أكثر
اعماله استفزازية. فهو يدخل أحيانا كطرف في هذا ذلك النوع من المناقشات مع
الشباب في الشوارع والتي أصبحت تعبر عن الحركات الإسلامية. ويقول "أنا
أحاول أن أشرح لهم أن العلمانية ليست ضد الدين، إنها تحمي الدين".
وإن
لم يكن مفتوناً بالغرب، فقد وجد نفسه في أحد المرات مع مجموعة من الشبان،
يدافع عن الولايات المتحدة وفرنسا ضد دعاة اسلاميين يحذرون من مخاطر القوى
الأجنبية، وذلك باستخدام التاريخ الفريد ليبيا وقيمها لإثبات وجهة نظره.
ويقول
"قلت لهم أن التدخل الأجنبي الذي جاء من خلال الأمم المتحدة انقذ ليبيا،
وأنه وفقاً للقيم الإسلامية والتقاليد العربية ينبغي أن نكون ممتنين للتدخل
الأجنبي" ويتابع "ربما يتعين علينا إعادة التفكير في علاقتنا بأكملها مع
الغرب بسبب هذه التجربة."
أن وجهة نظره ليست نتاج الغرب ولكن نتيجة الصراعات الداخلية في ليبيا مما يجعل وجهة نظره صعبة الاسكات.
الكاف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق