الجزيرة _خالد المهير- طرابلس
بعد محاولات لبيع المصرف التجاري الوطني الليبي لجهة أجنبية، أحبط المؤتمر الوطني العام والجهات الحكومية ذلك على اعتبار أن البلاد ليست بعوز إلى تمويل خارجي وبإمكانها ضخ المليارات في قنوات البلاد المالية.
وتم إحباط البيع بعد أن أبلغ المدير العام للمصرف التجاري الوطني إبراهيم الحداد المؤتمر الوطني العام والنائب العام ورئاسة الوزراء وديوان المحاسبة بمحاولات البنك المركزي الليبي بيع حصته بالمصرف التجاري والتي تقدر بـ74%.
وعن الجهة التي عرضت شراء هذه الحصة الكبيرة من المصرف، أفاد الحداد بأنها المؤسسة العربية المصرفية التي تتخذ من البحرين مقرا، وذلك مقابل 380 مليون دينار ليبي (296.4 مليون دولار).
ولفت الحداد إلى أن رئيس مجلس إدارة المؤسسة العربية المصرفية، هو ذاته محافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير، وهو ما قد يشير إلى محاباة للمؤسسة العربية على حساب المصالح الليبية.
وأضاف أن مساعي بيع المصرف بدأت خلال اجتماع تم بوساطة المركزي الليبي بين المؤسسة العربية وإدارة التجاري الوطني قبل عدة أشهر بمدينة سبها الليبية الجنوبية.
لكن القضية خرجت إلى وسائل الإعلام بعد تصدي المدير العام للصفقة، وقرار مجلس إدارة التجاري الوطني بإقالته من منصبه بدون توضيح الأسباب.
وقال الحداد بتصريح للجزيرة نت إنه عمل على عرقلة جهود بيع المصرف لحين إبلاغ الجهات التشريعية والرقابية، مؤكدا أن مصرفهم تلقى طلبا رسميا من المؤسسة العربية للحصول على نسبة المركزي الليبي.
أعرق مصرف
ويعد المصرف التجاري الوطني أعرق البنوك الليبية حيث تأسس عام 1970، ويحتفظ بتعاملات كبيرة مع 82 بنكا في مختلف جهات العالم.
كما يحتفظ بحسابات جارية لتغطية قيمة الاعتمادات المستندية برسم التحصيل والتحويلات، بالإضافة إلى احتفاظه بودائع زمنية تساوي 340 مليون دينار (265.2 مليون دولار) حتى نهاية العام الماضي.
وتفيد تقارير المصرف أنه يحوز على عدد هائل من العمليات المصرفية، إلى جانب احتفاظه بالاعتمادات المحلية للخطط التنموية التي تقدر بحوالي 27 مليار دينار (21 مليار دولار).
وتصل حساباته الختامية إلى 47 مليار دينار (36.7 مليار دولار) غير أصوله التي تقدر بحوالي 17 مليار دينار (13.3 مليار دولار) وهو من ضمن ألف مصرف عالمي.
تجارب فاشلة
وأشار الحداد بحديثه إلى تجارب ليبيا "الفاشلة" سابقا حينما دخلت في شراكات مع مصارف أجنبية وعربية، مؤكدا أن ليبيا ليست بحاجة إلى رأس مال أجنبي بل في حاجة إلى الانفتاح على العالم الخارجي، مشيرا إلى أن التجاري الوطني قادر على المساهمة في رؤوس أموال مصارف إقليمية وأجنبية، ولديه الإمكانيات لشراء المؤسسة المصرفية العربية.
وتحدث الحداد عن خسائر فادحة جراء دخول مصارف ليبية كالصحارى والوحدة مع شريك فرنسي وأردني، قائلا إن المصارف الليبية غير قادرة على إدارة أي عمليات مصرفية إلا بعد موافقة الشركاء الأجانب.
يُذكر أن الشريك الفرنسي بي إن بي يملك 33% من رأس مال الصحاري الليبي، وتصل نسبة العربي الأردني بالوحدة إلى 49%.
وردا على اتهامات الحداد، قال أمين سر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي فتحي يعقوب للجزيرة نت إن اتهامهم بالوقوف وراء بيع التجاري الوطني "افتراء" لكنه قال إن المصرف المركزي اقترح الاستفادة من حصة ليبيا الكبيرة بالمؤسسة العربية المصرفية التي تصل إلى 70% من رأس ماله الحالي المقدر بـ1.7 مليار دولار بالاستثمار في الداخل.
وفي رده على سؤال للجزيرة نت عن تجاهل تجارب الشراكات السابقة، قال يعقوب إن التجربة الجديدة تختلف عن السابقة، مؤكدا أن الشراكات مع الأجانب كانت ذات طابع سياسي، ولم تكن مدروسة، متهما وسائل الإعلام بتضخيم القضية.
وشكك المحلل المالي سعد الأريل في أهمية الشراكات الأجنبية، وقال بحديث للجزيرة نت إنه على سبيل المثال لم يساهم المصرف العربي الأردني بشراكته مع الوحدة في الاقتصاد الوطني، معتبرا أن الأردني هو المستفيد الأول من الأرباح.
من جانبه رفض المحلل المالي طارق الهوني بحديث للجزيرة نت إلزام الدولة الليبية القادمة بأي هيكلية قبل إقرار الدستور.
وتساءل: لماذا نبيع مصرف نسبتنا فيه 100%، مؤكدا أن بلاده ليست في حاجة إلى استثمارات نقدية أجنبية، بل بحاجة إلى تنمية الخبرات البشرية لهذا القطاع.
وأشار الهوني إلى تجربة أخرى، وهي المصرف الليبي القطري الذي دفعت فيه ليبيا ستمائة مليون دينار (468 مليون دولار) ولم تستفد منه شيئا بل وطُردت العناصر الليبية منه.
وأكد أنه من الصعب تشديد الرقابة على شراكات وراء البحار، في وقت تعتبر أن ليبيا غير قادرة على مراقبة مصارفها التي تعج بالفوضى والمخالفات.
المصدر : الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق