الشرق الأوسط- أعلن عبد الحكيم بلحاج الرئيس السابق للمجلس العسكري للثوار في طرابلس، إن مشروع قانون العزل، المثير للجدل في البلاد، ليس موجها ضد أشخاص بعينهم في ليبيا.
ودعا بلحاج في تصريحات لجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية عبر الهاتف من العاصمة الليبية، للمصالحة الوطنية وتحقيق أهداف ثورة 17 فبراير /شباط 2011، والعمل على مراعاة حقوق الإنسان والإسراع في البدء في ملف العدالة والمصالحة الوطنية.
وأشار بلحاج إلى أن مشروع قانون العزل، الذي يستهدف من عملوا في السابق مع القذافي "إذا كان موجها ضد شخص بعينه فلا شك أن هذا ليس من الأمر الإيجابي".
ويقول المراقبون: "إن المشكلة السياسية في الدولة النفطية الأهم في شمال أفريقيا، تعقدت بعد لعبة صغيرة بدأها الإسلاميون لإطفاء نجم السياسي الليبي "المميز" محمود جبريل المولود عام 1952، وأول رئيس وزراء لثورة 17 فبراير 2011، بأن جعلوا اسمه يخضع للعزل من العمل السياسي. وكبرت القضية بتدخل قادة مما يعرف بـ"مجموعة السويحلي" لتأييد مشروع القانون أيضا".
لكن الرجل نفسه "جبريل"، الذي يقود مجموعة "التحالف الوطني"، ألقى بورقة على الطاولة من شأنها أن تجعل الجميع يخرج من اللعبة صفر اليدين، بأن اقترح عبر أنصاره في البرلمان أن يشمل العزل كل من عمل مع القذافي منذ عام 1969، وهو أمر يمكن أن يطيح بقادة في الحكومة والبرلمان.
لكن بلحاج، وهو في الوقت الحالي زعيم حزب "الوطن" قال عن مشكلة قانون العزل: "دعني أكن واضحا.. تقريبا لا أظن أن الأمر في المؤتمر الوطني "البرلمان" له علاقة بإقرار مشروع قانون العزل من عدمه.. ربما يكون هناك تقدير لترتيب أولويات المؤتمر على أخرى".
وتقول المصادر: "إن نظرة خصوم جبريل تعتمد على أن الرجل قاد في عهد القذافي عام 2006 فريقا استشاريا لإعادة هيكلة وزارة التخطيط في البلاد، وأسهم في وضع الاستراتيجية الجديدة للتعليم حينذاك"، إلا أن بلحاج أوضح عن الاتهامات الموجهة للإسلاميين بأنهم لا يستهدفون عزل جبريل قائلا: "لا أظن أن هذا صحيح.. في تصوري أن الداعين لقانون العزل من التنسيقية الخاصة بهذا الموضوع طافوا في الكثير من المدن الليبية وهم يتحدثون في الإذاعات موضحين رأيهم، وقالوا إنهم لا يستهدفون شخصا، ويتحدثون عن أهداف ثورة 17 فبراير وأتباع النظام السابق وعن معايير وطنية".
وتابع بلحاج قائلا: "أنا بدوري أقول إنه لا شك أن القانون إذا كان يقصد به شخص فلا شك أن هذا ليس من الأمر الإيجابي.. نحن في ظل الحديث عن ثورة حقوق إنسان، وفي ظل المطالبة بالإسراع في البدء في ملف العدالة والمصالحة الوطنية، ونريد أن يكون هناك وفاق وطني، ونريد أن يكون هناك التفاف لبناء الدولة على أسس يحكمها الالتجاء إلى ثورة 17 فبراير ومعايير حقوق الإنسان".
ودعا بلحاج إلى إرسال رسالة ضد الإقصاء والتهميش، وقال: "نريد أيضا إرسال رسالة مفادها أننا لا نسعى لإقصاء أو تهميش أو أي صورة من الصور السلبية التي نحن في غنى عنها ولا نريدها".
وأضاف بلحاج قائلا: "إن المطالبين بتطبيق قانون العزل السياسي لا يتحدثون عن هذه الأمور، وأنا سمعت بنفسي أن من بين الذين يدعون ومتمسكون بشدة بضرورة تطبيق قانون العزل السياسي هم من أعضاء المؤتمر، ومن بينهم الدكتور عبد الرحمن السويحلي، الذي يقول إنه إذا شمله العزل فإنه أول المرحبين بهذا التطبيق".
وطالب عبد الحكيم بلحاج الذين يمكن أن يطالهم اتهام العمل مع النظام السابق بأن ينأوا بأنفسهم عن تقلد المواقع القيادية في الدولة. وقال: "أظن أن الأمر يحتاج إلى حوار وطني ونقاش ودراسة، وأيضا لا نلتفت لاتهام جهة أو طرف لآخر بقدر ما يكون مراعاة المصلحة الوطنية، بمعنى أن الذين ينتقدون قانون العزل السياسي أنا أقول لهم إنه يجب أن يترفع الإنسان ويهرب من طائلة الاتهام بأنه من النظام السابق".
وقال بلحاج: "إن كل من يريد أن يخدم المواطنين يستطيع أن يفعل ذلك دون الحاجة لمقعد في الوزارة"، وأضاف موضحا: "إذا أردنا بناء البلاد، فالكل بإمكانه أن يعطي وأن يقدم لهذه البلاد دون أن يكون بالضرورة في سدة الحكم.. لماذا نحن نختصر الانتماء للوطن والحرص على تحقيق مصالح المواطنين من خلال كرسي معين أو وزارة أو منصب؟! نحن نريد أن نبني بلادنا في ظل ثورة تحمي وتسمح بإتاحة الفرصة للجميع لبناء ليبيا الجديدة إن شاء الله".
ومن جانبها قالت مصادر في الحكومة إنه إذا تم تمرير مشروع القانون بشكله الحالي فإن هذا يعني أن رئيس الحكومة ووزراءه ورئيس البرلمان ونائبه وعددا كبيرا من النواب، سيعزلون، وبالتالي انهيار الوعاء السياسي الوحيد في الدولة"، مشيرة إلى أنه بعد اجتماعات في أروقة البرلمان والحكومة تقرر وقف طرح مشروع قانون العزل من الموعد المقرر له يوم الثلاثاء المقبل، إلى أجل غير مسمى.
وعقدت عدة أحزاب من تلك المنضوية تحت اسم "تجمع الأحزاب الوطني" اجتماعا في طرابلس، وتقدمت بمذكرة لتأجيل عرض مشروع القانون.
وقال مصدر في هذا التجمع: "تمت الموافقة على الطلب، تجنبا لوقوع فتنة"، أكد إبراهيم عميش رئيس حزب التحالف الوطني الديمقراطي لـ"الشرق الأوسط" أن القصة كلها الخاصة بالعزل "بدأت بالعناد"، ويعتبر هذا الحزب من الأحزاب المؤدية لجبريل. وأشار عميش إلى أن موضوع العزل رغم أهميته "يجب ألا يطرح بهذه الكيفية".
ويتضمن مشروع قانون العزل الكثير من النقاط المثيرة للجدل من بينها عزل كل من عمل سفيرا أو وزيرا أيام القذافي، وكذا استثناءات لكل من أعلن انحيازه للثورة التي قامت ضد حكم العقيد الراحل. ويقول بعض السياسيين، ومن بينهم إبراهيم عميش أيضا: "إن كلمة كل من انحاز إلى الثورة تعد استثناء يشمل حتى أحمد قذاف الدم المبعوث الخاص للقذافي سابقا، وموجود حاليا خارج البلاد". وأضاف عميش أن مشروع القانون بهذه الطريقة سيؤدي لتقسيم المجتمع الليبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق