1
يخطئ
من يظن أن الناس سيصفقون للثوار مهما كانت اتجاهاتهم وأفعالهم، لمجرد أنهم
ثاروا ونجحوا بالإطاحة بطاغية، لأن من يستحق التصفيق منهم، هو من نجح في
إيجاد واقع جديد، يجبُّ الذي قبله، ويمنح الجماهير الأمل.
المشكلة
في ليبيا، بعد أقل من عامين على الاطاحة بالعقيد معمر القذافي، انما تكمن
في عجز من ثار على المضي قدماً بالبلاد والبدء بالخطوة الاولى في مشوار
الألف ميل.
في ليبيا اليوم ركام من
المشكلات المستعصية لغياب الارادة عن التعاطي معها، بل ان الدولة التي يسعى
الليبيين الى بنائها، غائبة في أحايين كثيرة وأماكن أكثر.
وتعصف الخلافات بين التيارات السياسية "إسلاميون، ليبراليون وبين بين"،
مثلما يفرض أولئك الذين هم خارج هذه التيارات، المتمنطقون بمليشيات وجماعات
وعصابات إرادتهم، لابقاء الحال الذي يستفيدون منه، على ذات المنوال.
وكما
هو حال جميع دول الربيع العربي، يفتقد الليبيون، أو من بأيديهم القدرة على
التأثير، إلى ملكة احترام الرأي الآخر، فإن جاء زيد الى رأس السلطة
عارضوه، واذا جاء عمرو ثاروا ضده، لاعتقادهم ان اللحظة التاريخية مؤاتية
لتحقيق غرض او هدف، الأمر الذي يقصف أعمار برامج وخطط للسير بالبلاد في
أيما اتجاه، لكنه تقدم، ويصيبها بالكساح.
الكثير
مما يجري في ليبيا اليوم، لا يحدث لخلاف على توجه او سياسة، وليس لصالح
البلاد، وانما لتحقيق اغراض صغيرة وشخصية سواء كانت مناطقية أو لمجموعة،
وليستف الشعب التراب.
اكثر ما يؤسف له
ان ترى فئات واشخاصا يستأثرون بالمكاسب، وينهبون المال العام، في حين ان
غالبية الشعب "راقد ريح". وهو تعبير ليبي صميم يشير الى الفقر.
قامت
ثورة 17 فبراير ضد الظلم والتهميش والتخلف، فماذا أعطت للشعب الذي فجرها؟.
غير كلام وهتاف وتغيير"علم"، كما يقول غالبية الليبيين.
على الليبيين ان يفيئوا الى أن الثورة ليست حكراً بمنطقة، ومجموعة، وأن الثورة لهم جميعاً.
ليس
في مستقبل ليبيا ما يبهج، فالمكتوب يقرأ من عنوانه، الا اذا تخلص الليبيون
من عوامل الكبح التي تضع العصي في دواليب تطورهم، و"دراكولات" مص أموالهم،
ومن الفتنة التي تعصف بين مناطقهم وقبائلهم، وأعادوا بناء دولتهم على أسس
عصرية، دون محاباة او تساهل او تلكؤ.
من ليبيا يأتي الجديد، قالها المؤرخ اليوناني هيرودت قبل أزيد من الفي عام، فأي جديد ننتظر منها؟!
البوابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق