كتبت - وفاء بسيوني
عرف بمعارضته الشرسة للحكومة التونسية ، وأول من حذر من اعطاء
الحزب الحاكم "النهضة" الاسلامي للضوء الاخضر للاغتيالات السياسية في تونس
، وهو الذي حذر من العنف الذي استشرى مؤخرا في تونس ودعا لنبذ هذا العنف
في ظل التجاذبات السياسية المتواصلة ، هو شكري بلعيد المنسق العام لحركة
الوطنيين الديمقراطيين الذي لقى مصرعه اليوم الأربعاء بعد تعرضه لعملية
اغتيال صباح اليوم بعد أن أطلق عليه مجهولون أربع رصاصات في رأسه وصدره
أمام بيته.
وتعتبر هذه أول عملية اغتيال تشهدها تونس منذ الإطاحة بنظام
الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير العام
2011.
وربما يكون أول حلقة في مسلسل الاغتيالات في تونس ، وينذر هذا
الاغتيال باشتعال الوضع مجدداً في الشارع التونسي، وسط أجواء سياسية
متوترة منذ فترة، بين الأحزاب الإسلامية، والأحزاب المدنية، وتتهم الأخيرة
الحزب الحاكم "النهضة"، بالسعي إلى السيطرة على كامل مفاصل الدولة.
تحذير "النهضة"
وجاء اغتيال بلعيد بعد ساعات من دعوته إلى عقد مؤتمر وطني
لمناهضة العنف في تونس، وقال في مؤتمر صحفي عقده أمس بتونس العاصمة، إن
العنف قد استشرى بعد الثورة في ظل التجاذبات السياسية المتواصلة وحالات
الاستقطاب السياسي الثنائي بين التيار الإسلامي واليسار العلماني.
وحذر قيادات حركة النهضة ووزير الداخلية علي العريض مما سماه
"محاولات تفكيك الدولة وزرع قوى وميليشيات ترهب التونسيين وتستدرج البلاد
إلى حالة من العنف الشامل عبر رابطات حماية الثورة".
وحمل الراحل بلعيد القيادي في "تحالف الجبهة الشعبية" ، حركة
النهضة التي تقود البلاد منذ أكثر من سنة، مسئولية تدني مؤشر الاستقرار
الأمني، وقال: "كلما تقلصت شعبية حركة النهضة وازداد الحراك الجماهيري
المناهض لسياستها إلا واستشرى العنف". وأضاف قائلا: "إن منبع العنف ومصدره
بات جليا" .
وأشار بلعيد إلى الاعتداء الذي تعرض له نهاية الأسبوع الماضي
حزب "الوطنيين الديمقراطيين" في مدينة الكاف شمال غربي تونس، وقال إن منع
الحزب من عقد اجتماعه والاعتداء على الأملاك العمومية يمثل "جريمة في حق
المسار الديمقراطي في تونس".
والليلة قبل الماضية، انتقد بلعيد قرار الرئيس التونسي منصف
المرزوقي التمديد لحالة الطوارئ في البلاد من أول فبراير / شباط الحالي إلى
غاية الثاني من مارس / آذار المقبل. وقال إن في ذلك إنهاكا لقوات الجيش
والمؤسسة العسكرية، التي من المفترض أن "تعيد انتشارها من أجل حماية الحدود
من المخاطر الإرهابية القادمة من شمال مالي". وزاد قائلا إنها غير مطالبة
بالانشغال بحماية المنشآت العمومية.
وأضاف بلعيد أن التونسيين في حاجة إلى رجة معنوية إيجابية
تكبح جماح ارتفاع الأسعار، وتنهض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للسواد
الأعظم من التونسيين، وتبعث برسائل طمأنة إلى أكبر قدر ممكن من المستثمرين.
وفي آخر ظهور تلفزيوني له حذّر بلعيد مما اعتبره تحالفا بين
حركة النهضة الحاكمة وشريكها في الائتلاف الحاكم حزب المؤتمر مع سلفيين
بتشكيلهم "رابطات حماية الثورة" من أجل استهداف الشخصيات المعارضة في
البلاد.
وتتهم الحكومة، التي تقودها حركة النهضة الفائزة بأغلبية
أصوات الناخبين التونسيين (نحو 44 في المائة)، من قبل أحزاب المعارضة بقلة
الحزم في تعاملها مع التيارات السلفية المتشددة، وبعدم تشهيرها بتدخلات
رابطات حماية الثورة بعد منع مجموعة من الأحزاب السياسية من عقد اجتماعات
شعبية في عدة مدن تونسية.
الجبالي رهينة
وفي نهاية يناير الماضي عبّر بلعيد عن تعاطفه مع رئيس الحكومة
حمادي الجبالي وقال :"ربي يفك اسرك يا حمادي الجبالي من قبضة راشد
الغنوشي"، وذلك خلال حضوره في إنطلاق أشغال المؤتمر التاسيسي الأول لمنظمة
النساء الوطنيات الديمقراطيات.
وأضاف شكري بلعيد ان التحوير الوزاري مجرد "مناورة ومسرحية من
حركة النهضة لربح الوقت". وقال إن "حمادي الجبالي رهينة وليس سيدا لقراره
".
وعلّق بلعيد على كلمة الجبالي حول التحوير الوزاري الذي كان
مزمع الإعلان عنه لكن تعطل بسبب عدم التوافق حول التحويرات، قائلا:"ظهر
الجبالي كأنه رئيسا لحزب معارض وليس رئيسا للحكومة والرجل الاول في
الدولة".
اغتيال سياسي
وتعليقا على الحادث قال حمادي الجبالي رئيس الوزراء التونسي
ان اغتيال المعارض العلماني البارز شكري بلعيد بالرصاص هو اغتيال سياسي
واغتيال للثورة التونسية.
وأضاف "مقتل بلعيد هو اغتيال سياسي واغتيال للثورة التونسية..
من قتله يريد إسكات صوته وقتل امال التونسيين" . مشيراً إلى ان هوية
القاتل ما زالت مجهولة حتى الآن.
كما اعتبر الجبالي، ان اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد عملاً إرهابيا واجرامياً يستهدف تونس كلها.
وقال الامين العام لحركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تصريح
لإذاعة تطاوين الحكومية، ان بلعيد "ضحية حادث ارهابي حادث إجرامي المستهدف
فيه ليس شكري بلعيد بل تونس كلها"، داعياً التونسيين الى تجنب "السقوط في
فخ العنف والعنف المضاد".
وبعد الحادث قرر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ، بإلغاء
زيارته إلي القاهرة، لحضور القمة الإسلامية الثانية عشر، المقرر عقدها بعد
ظهر اليوم .
كما دعا رئيس حزب حركة "لنهضة" التونسي راشد الغنوشي اليوم
الأربعاء لاعداد الحداد العام في البلاد ، بعد اغتيال المعارض اليساري
البارز شكري بلعيد.
وادان الغنوشي ، في مكالمة هاتفية مع قناة "الجزيرة"
الاخبارية عملية اغتيال بلعيد ، قائلا : " انها عملية ارهابية تستهدف تونس
كلها والعملية التنموية".
واضاف أن هناك من يستهدف الثورة التونسية وديمقراطيتها ،
مشيرا الى وجود جهات معادية للثورة تريد ادخال البلاد في حمام دم ، ودعا
الى إجراء تحقيق جاد لتقديم الجناة للعدالة .
وفي هذة الاثناء ، تظاهر الآلاف من التونسيين اليوم الأربعاء
بالقرب من وزارة الداخلية احتجاجا على مقتل بلعيد، مرددين هتافات "الداخلية
إرهابية" ومطالبيين بإسقاط النظام.
وهتف المتظاهرون أيضاً "عار عار شكري مات بالنار "، فيما طوقت
قوات الامن المكان ولم تقع حتى الآن أيه مواجهات، نقلا عن قناة
"العربية"الاخبارية.
الاخوان والاغتيالات
من جانبه أكد عاطف مغاورى عضو بجبهة الإنقاذ والقيادي بحزب
التجمع المصري ، أن الأنظمة التى تستخدم الدين بهدف السيطرة على السلطة، لا
تستطيع أن تمنح نفسها الحق الإلهى فى قتل و إنهاء حياة من يعارضها، مضيفاً
أن ظاهرة الحكم بربط المفهوم الدينى بالسياسة تفشت فى دول عربية كثيرة مثل
مصر ،تونس و سوريا.
وقال مغاروى، فى تصريح خاص لوكالة "ONA" ، تعقيبا علي واقعة
اغتيال شكري بلعيد المنسق العام لحركة الوطنيين الديمقراطيين بتونس صباح
اليوم الأربعاء، أن ذلك وصل إلى مصر بالفعل، فالإخوان المسلمين لجأوا إلى
قتل واغتيال من يعارضهم، وظهر ذلك فى اغتيال محمد الجندى، الحسينى أبو ضيف
الصحفي الذي تم قتله أمام الاتحادية، ومحمد قرني صاحب صفحة "كاذبون".
وأضاف مغاوري أن هناك شواهد كثيرة على استخدام النظام الحالى
لتلك السياسة و هى قتل المعارضة فى سبيل افساح المجال لبسط أفكاراً تمكنهم
من السيطرة على الكرسى، و قال :"لقد تعرضت أنا و أبو العز الحريرى وحمدى
الفخرانى للإعتداء من قبل جماعة الإخوان المسلمين فى 10/7/2012 أمام مجلس
الدولة، الأمر الذى أظهر حقيقة الإخوان المسلمين، باستعدادهم لإنهاء حياة
عناصر المعارضة ، فى سياسة من شأنها اقصاء مجموعات يمكن أن تظهر للمجتمع
الحقيقة التى يقف وراءها الإخوان".
وأوضح الناشط السياسي المصري والقيادي بحزب الجبهة
الديمقراطية شادي الغزالي حرب، أن اغتيال القيادي اليساري التونسي شكري
بلعيد، هي بداية الثورة الجديدة بالوطن العربي ضد ما أسماهم "جماعة
الاستبداد الديني"، مثل انتحار الشاب التونسي محمد بو عزيزي.
بلعيد في سطور
وشكري بلعيد هو قيادي في الجبهة الشعبية وعرف بمعارضته الشرسة
للحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية ، سياسي ومحامي تونسي. وهو عضو
سابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال
الديمقراطي والأمين العام للتيار الوطني الديمقراطي.
ولد في جبل الجلود بولاية تونس 26 نوفمبر 1964، وكان الناطق الرسمي لحركة الوطنيون الديمقراطيون التي تأسست بعد الثورة التونسية.
ترشح في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي على رأس قائمة
مشتركة مع حزب الطليعة العربي الديمقراطي تحت اسم ائتلاف الكرامة إلا انه
تحصل فقط على 0.63% من الأصوات. واُنتخب أمينا عاما للتيار الوطني
الديمقراطي في 2 سبتمبر.
محيط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق