الاثنين، 25 فبراير 2013

#ليبيا #سعد_سلامة : حول قانون العزل السياسي

بسم الله الرحمن الرحيم
حول قانون العزل السياسي
المتتبع للتاريخ و قراءة وقائعه, يلاحظ بوضوح ان كل ثورة أذا ما كتب لها النجاح لابد وأن تشهد قرارات وإجراءات استثنائية يستهدف القائمين من خلالها:
- المحافظة على الثورة من الاجهاض حاضرا او الانحراف بها عن مسارها.
- قطع الطريق أمام المحاولات المستقبلية للثورة المضادة المتربصة سعيا لاختراقها وإفشالها في تحقيق أهدافها.
في مقدمة من يستهدف بالقرارات والإجراءات الاستثنائية عقب نجاح الثورة هم من كانت لهم علاقة بمن قامت الثورة ضدهم من رموز بشرية و مادية, لذلك لم يكن غريبا أن تعرف ليبيا بعد نجاح ثورتها حراكا مجتمعيا ينادي بإقرار وتطبيق قانون يعزل من خلاله سياسيا كل من يتبث ارتباطه الحيوي بالنظام السابق، سواء من خلال شغله للمواقع الوظيفية في مؤسسات النظام الفاعلة او من خلال المصالح القائمة على الانتفاع المتبادل والنفوذ.
المتتبع للحراك المجتمعي الليبي حول مطلب سن قانون للعزل السياسي يظهر له أن المقصود العام بهذا العزل هو الآتي استبعاد الأفراد الذين حسبوا على النظام السابق بمنعهم من مزاولة أي نشاط سياسي، أو القيام بأي فعاليات ذات طبيعة سياسية أو تولي المناصب القيادية في الدولة.
في أطار هذا المقصد العام فإننا نؤكد على ضرورة وأهمية صدور مثل هذا القانون في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها دولتنا كضمان لتحقيق العبور إلى الاستقرار المنشود و بناء الدولة الليبية الجديدة، دولة المؤسسات والقانون. ومن الاهمية بمكان ان نشير الى ما يلي:
- ضرورة وضع تعريف وان يلحق به مذكرة شارحة تفسر التعريف، ويمكن من خلالها أن يتحدد من أفسد ومن لم يفسد، و بطريقة يمكن من خلالها التفريق بين من أستغل نفوذه كجزء من أنماط التكسب والتربح الشخصي ومن أستغل هذا النفوذ لأطر تتعدى الشخصنة إلى الأضرار بعموم البلاد.
- أن يكون هذا القانون وفقا لمقاصد الشرع الحنيف، بأن يتحقق به الحق و يتجسد به العدل.
- أن المستهدفين بقانون العزل السياسي فئات متنوعة، يختلفون بإختلاف درجة ارتباطهم بالنظام، وذلك من حيث أدوارهم ووظائفهم وكذلك المؤسسات المتواجدين فيها او القائمين عليها، مما يحتم بالضرورة اختلاف وتنوع ما يفترض أن يتضمنه قانون العزل السياسي من أحكام وعقوبات، مع مراعاة عدم هدر كرامتهم الإنسانية وانتهاك حقوقهم الإنسانية وذلك حتى لا يتحول القانون إلى مجموعة من عقوبات جماعية ذات طبيعة انتقامية ذات اعتبارات سياسية أو فكرية أو مجتمعية قد تؤثر سلبا على أي جهود تبذل أو ستبذل لإنجاز مشروع استحقاق المصالحة الوطنية.
- اعتماد آلية للتحقيق مع كل من يتم واتهامه وذلك بأن يكون للاتهام شروطا وقواعد واضحة وإجراءات سليمة يراعى من خلالها- مثلا – أن يتم تحديد فئة بعينها كانت هي المسئولة مباشرة عن إفساد الحياة السياسية الليبية دون التعميم وصولا إلى دوائر تنظيمية سفلى كان شاغليها يتلقون الأوامر وملزمين بتنفيذها، حرصا على مصالحهم وأوضاعهم المستقرة. ادراج مثل هؤلاء قد يتسبب في تداعيات اجتماعية وإنسانية غير محمودة للآلاف من الناس الذين ارتبطوا بالنظام بطبيعة الارتباط بمؤسسة الدولة لا اكثر.
- عدم الدخول في جزئيات وتفاصيل للمعايير المتعلقة بتطبيق قانون العزل السياسي؛ لان هذا يجعل الامر عرضة للأهواء والصراعات السياسية، بل يؤدي أيضا إلى استهداف فئات عديدة ووضعها في خانة الأعداء بينما كانت في الواقع من المساهمين في نجاح الثورة وليست معادية لها. واعتبارا للإنصاف والعدل لابد من الاشارة الى انه في المقابل هناك العديد ممن انشقوا والتحقوا بالثورة لم يكونوا منحازين إلى ما ترفعه من أهداف ومبادئ، بقدر ما كان الامر عملية حسابية حول احتمالين وهما: هل سيكون الانتصار للقذافي ام للثورة فكان القرار برجحان انتصار الثورة وانتهاء نظام القذافي. فالقراءة الموضوعية من امثال هؤلاء للواقع قادتهم إلى القناعة بأن المستقبل لن يكون للقذافي، وان الزمان ليس زمانه ولا المكان مكانه!
و ختاما، فأن ما نؤمن وننادي به ضرورة التعجيل بصياغة وإقرار قانونا للعزل السياسي وألا يتقاعس المؤتمر الوطني العام عن تحمل مسؤوليته في إدارة حوار منظم يضمن تنفيذ ارادة الشعب في ذلك وتجنب كل ما من شأنه تمييع التعامل مع هذا الاستحقاق الوطني الهام، الذي قد يفقده روحه و الهدف المرجو من الدعوة إلى صياغته و أقراره وإنفاذه.
سعد سلامة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق