الإثنين 18 فبراير 2013 - 10:34 ص
سارة حسين
الشرق الأوسط
أرشيفية
«أرض الفوضى المطلقة» هكذا أصبحت ليبيا الآن كما يطلق عليها بعض المحللين العرب. بعد عامين من الثورة الليبية التى أنهت 42 عاما من حكم الديكتاتور معمر القذافى، عاد الليبيون إلى الشوارع فى الذكرى الثانية من ثورتهم ليس للاحتفال، لكن للاحتجاج على فشل السلطة الجديدة فى تحقيق نمو اقتصادى أو استقرار أمنى.
لا تزال الدولة الشمال إفريقية تصارع من أجل تخطيط مستقبلها، ولا يزال كثير من الليبيين لا يشعرون بتحقيق تقدم كاف منذ انتخاب حكومة جديدة، ولا تزال الجماعات الثورية تصارع من أجل السلطة وسط ميول انفصالية هائلة. فقد كانت نهاية الحكم المطلق للقذافى مجرد ميلاد للعديد من المطالب والأيديولوجيات والمخاطر.
الفوضى هى السمة المميزة فى العاصمة طرابلس، والحكومة بالكاد قادرة على السيطرة على الحدود. وفى بنغازى ثانى أكبر مدينة ليبية، التى اندلعت فيها شرارة الثورة قبل أن تنتشر إلى باقى المدن، لا تزال روح القتال منتشرة جدا، وأصبح سكان المدينة يشعرون بأنهم مسؤولون عن حماية أنفسهم بعد ما تحولت إلى مدينة تحكمها الميليشيات، وتنتشر فيها الاغتيالات وسط فراغ أمنى هائل، ويزداد فيها تأثير الإسلاميين المتطرفين.
وعلى الرغم من أن إجراء الانتخابات البرلمانية فى يوليو 2012، وتشكيل حكومة فى أكتوبر من نفس العام، كانا خطوتين ديمقراطيتين أساسيتين فإن الديمقراطية والاستقرار فى ليبيا لا يزالان عرضة للخطر بسبب الوضع الأمنى.
يقول جونتر ماير، أستاذ الاقتصاد الجغرافى ورئيس مركز البحوث فى العالم العربى بمدينة ماينز الألمانية، إنه توجد مخاوف من أن يعبر الثوار فى مالى إلى ليبيا عبر الحدود غير الآمنة حاليا. ويرى رفعت سيد أحمد، مدير مركز جافا للدراسات السياسية: «غارات الناتو الجوية التى شنت ذات مرة على هذا البلد المزدهر أغرقت البلد فى حرب أهلية. استخدم الغرب القوة العسكرية لجلب نظام مطيع، لكنه لا يتمتع بشعبية، فهو عاجز عن التعامل مع العداءات الدينية والقبلية التى تمزق البلد». مضيفا فى حوار له مع المركز العالمى لأبحاث العولمة فى كندا: «البترول والغاز الليبى كانا الهدف الأساسى لتدخل الناتو العسكرى تحت شعار نبيل هو تحرير الليبيين من ديكتاتورية القذافى».
بوريس دولجوف، أحد كبار الباحثين فى مركز الدراسات العربية بموسكو، يقول فى حوار له مع المركز، إن ليبيا لا يزال أمامها طريق طويل نحو الاستقرار. مضيفا: «نحن نشهد انتشارا للإسلام المتطرف، كما هو الحال فى مالى والجزائر. الأحداث فى مالى وليبيا متشابكة بشكل وثيق، القذافى شن حربا على التطرف وكان مسيطرا على الوضع تماما، لكن بعد سقوطه خرج الإسلاميون من السجون وانضموا إلى جماعات متطرفة، بما فى ذلك هؤلاء فى مالى».
من ناحية أخرى، معظم الغضب الشعبى موجه نحو المؤتمر الوطنى العام الذى تأسس فى يوليو 2012، ويضم 200 عضو، وعلى الرغم من سيطرة الليبراليين عليه، فإنه يضم الكثير من الإسلاميين المعتدلين وعددا من السلفيين ويخشى كثيرون ومعظمهم من السيدات، من الدور الذى ستلعبه الشريعة فى الدستور الجديد، حيث يستعد المؤتمر لاختيار لجنة صياغته.
منذ مقتل السفير الأمريكى كريستوفر ستيفنز، يخضع الجزء الشرقى من ليبيا إلى مراقبة الطائرات الأمريكية بدون طيار بحثا عن معسكرات تدريب الجهاديين. وهو ما يتناقض مع تعهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى خطاب حالة الاتحاد بأنه سوف يساعد الليبيين على توفير أمنهم الخاص.
يمكن تجنب تحول ليبيا إلى دولة فاشلة بأن تكون الولايات المتحدة شريكا أساسيا لها، مهاجمة ليبيا بطائرات بدون طيار قد تكون سياسة ذات نتائج عكسية ربما تزيد الآثار الهائلة للاضطرابات فى شمال إفريقيا والساحل، وخسارة الاستثمارات الأجنبية وانتشار الأسلحة. موقع «ذا هيل» التابع للكونجرس الأمريكى يقول: «بدلا من غارات الطائرات بدون طيار، ينبغى أن تكون رحلة جون كيرى الأولى فى الشرق الأوسط إلى ليبيا».
ليبيا فى حاجة ماسة إلى المساعدة الدولية فى بناء مؤسساتها، خصوصا الآلية الأساسية للحكومة والمؤسسات الأمنية. وعلى الشركاء الدوليين لليبيا، خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا استكمال التزاماتهم لدعم ليبيا فى إرساء سيادة القانون، وتحقيق العدالة والأمن.
تظل ليبيا مختلفة عن غيرها من الدول العربية التى شهدت ثورات ضد استبداد الحكام، حيث تمتلك موارد بترولية هائلة، وعدد سكانها قليل نسبيا. مستقبل ليبيا يمكن أن يعتمد على الحكومة التى سيتم تشكيلها بعد الانتخابات البرلمانية، التى بدورها قد تتمكن من إحياء الشرطة والجيش وتقليل الاعتماد على الميليشيات.
«أرض الفوضى المطلقة» هكذا أصبحت ليبيا الآن كما يطلق عليها بعض المحللين العرب. بعد عامين من الثورة الليبية التى أنهت 42 عاما من حكم الديكتاتور معمر القذافى، عاد الليبيون إلى الشوارع فى الذكرى الثانية من ثورتهم ليس للاحتفال، لكن للاحتجاج على فشل السلطة الجديدة فى تحقيق نمو اقتصادى أو استقرار أمنى.
لا تزال الدولة الشمال إفريقية تصارع من أجل تخطيط مستقبلها، ولا يزال كثير من الليبيين لا يشعرون بتحقيق تقدم كاف منذ انتخاب حكومة جديدة، ولا تزال الجماعات الثورية تصارع من أجل السلطة وسط ميول انفصالية هائلة. فقد كانت نهاية الحكم المطلق للقذافى مجرد ميلاد للعديد من المطالب والأيديولوجيات والمخاطر.
الفوضى هى السمة المميزة فى العاصمة طرابلس، والحكومة بالكاد قادرة على السيطرة على الحدود. وفى بنغازى ثانى أكبر مدينة ليبية، التى اندلعت فيها شرارة الثورة قبل أن تنتشر إلى باقى المدن، لا تزال روح القتال منتشرة جدا، وأصبح سكان المدينة يشعرون بأنهم مسؤولون عن حماية أنفسهم بعد ما تحولت إلى مدينة تحكمها الميليشيات، وتنتشر فيها الاغتيالات وسط فراغ أمنى هائل، ويزداد فيها تأثير الإسلاميين المتطرفين.
وعلى الرغم من أن إجراء الانتخابات البرلمانية فى يوليو 2012، وتشكيل حكومة فى أكتوبر من نفس العام، كانا خطوتين ديمقراطيتين أساسيتين فإن الديمقراطية والاستقرار فى ليبيا لا يزالان عرضة للخطر بسبب الوضع الأمنى.
يقول جونتر ماير، أستاذ الاقتصاد الجغرافى ورئيس مركز البحوث فى العالم العربى بمدينة ماينز الألمانية، إنه توجد مخاوف من أن يعبر الثوار فى مالى إلى ليبيا عبر الحدود غير الآمنة حاليا. ويرى رفعت سيد أحمد، مدير مركز جافا للدراسات السياسية: «غارات الناتو الجوية التى شنت ذات مرة على هذا البلد المزدهر أغرقت البلد فى حرب أهلية. استخدم الغرب القوة العسكرية لجلب نظام مطيع، لكنه لا يتمتع بشعبية، فهو عاجز عن التعامل مع العداءات الدينية والقبلية التى تمزق البلد». مضيفا فى حوار له مع المركز العالمى لأبحاث العولمة فى كندا: «البترول والغاز الليبى كانا الهدف الأساسى لتدخل الناتو العسكرى تحت شعار نبيل هو تحرير الليبيين من ديكتاتورية القذافى».
بوريس دولجوف، أحد كبار الباحثين فى مركز الدراسات العربية بموسكو، يقول فى حوار له مع المركز، إن ليبيا لا يزال أمامها طريق طويل نحو الاستقرار. مضيفا: «نحن نشهد انتشارا للإسلام المتطرف، كما هو الحال فى مالى والجزائر. الأحداث فى مالى وليبيا متشابكة بشكل وثيق، القذافى شن حربا على التطرف وكان مسيطرا على الوضع تماما، لكن بعد سقوطه خرج الإسلاميون من السجون وانضموا إلى جماعات متطرفة، بما فى ذلك هؤلاء فى مالى».
من ناحية أخرى، معظم الغضب الشعبى موجه نحو المؤتمر الوطنى العام الذى تأسس فى يوليو 2012، ويضم 200 عضو، وعلى الرغم من سيطرة الليبراليين عليه، فإنه يضم الكثير من الإسلاميين المعتدلين وعددا من السلفيين ويخشى كثيرون ومعظمهم من السيدات، من الدور الذى ستلعبه الشريعة فى الدستور الجديد، حيث يستعد المؤتمر لاختيار لجنة صياغته.
منذ مقتل السفير الأمريكى كريستوفر ستيفنز، يخضع الجزء الشرقى من ليبيا إلى مراقبة الطائرات الأمريكية بدون طيار بحثا عن معسكرات تدريب الجهاديين. وهو ما يتناقض مع تعهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى خطاب حالة الاتحاد بأنه سوف يساعد الليبيين على توفير أمنهم الخاص.
يمكن تجنب تحول ليبيا إلى دولة فاشلة بأن تكون الولايات المتحدة شريكا أساسيا لها، مهاجمة ليبيا بطائرات بدون طيار قد تكون سياسة ذات نتائج عكسية ربما تزيد الآثار الهائلة للاضطرابات فى شمال إفريقيا والساحل، وخسارة الاستثمارات الأجنبية وانتشار الأسلحة. موقع «ذا هيل» التابع للكونجرس الأمريكى يقول: «بدلا من غارات الطائرات بدون طيار، ينبغى أن تكون رحلة جون كيرى الأولى فى الشرق الأوسط إلى ليبيا».
ليبيا فى حاجة ماسة إلى المساعدة الدولية فى بناء مؤسساتها، خصوصا الآلية الأساسية للحكومة والمؤسسات الأمنية. وعلى الشركاء الدوليين لليبيا، خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا استكمال التزاماتهم لدعم ليبيا فى إرساء سيادة القانون، وتحقيق العدالة والأمن.
تظل ليبيا مختلفة عن غيرها من الدول العربية التى شهدت ثورات ضد استبداد الحكام، حيث تمتلك موارد بترولية هائلة، وعدد سكانها قليل نسبيا. مستقبل ليبيا يمكن أن يعتمد على الحكومة التى سيتم تشكيلها بعد الانتخابات البرلمانية، التى بدورها قد تتمكن من إحياء الشرطة والجيش وتقليل الاعتماد على الميليشيات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق