الحمد الله أوّلاً الذي يسر لنا رجالاً جادوا بأنفسهم في سبيل تحريرنا من
العبودية فمنهم من قضى نحبه ومنهم مازال حياّ ليقدموا لنا طرقا جليه في
مجالات ما كناّ لنلج فيها أو نقترب منها، فنسأل الله أن يجازيهم عنا كل خير
ويرحم ميتهم ويكرم حيّهم ويزيدهم علياّ.السياسة هي فن إدارة الأمور ،
أياًّ كانت هذه الأمور، وتتدرج هذه المهام حسب الموقع الذي يليه الفرد
فالذي يوفق في إدارة عائلته وتدبّر شؤونها يتمتع بشيء من السياسة في هذا
الجانب، ومدير الشركة الذي يستطيع تحقيق النجاح وايجاد اسم لشركته مع كسب
احترام العاملين بها وحفظ حقوقهم لا شك أن لديه من المهارات المتعددة التي
لا تخلوا في جانب من جوانبها من السياسة، فكل إنسان إن أراد النجاح وتحقيق
جزءاً من أهدافه فلابد له من التمتع بقدر من السياسة.الغريب في الأمر أنك
ترى بعضاً من ذوي المراكز السياسية العليا الذين افتراضاً يجب أن يتمتعوا
بقدر عال من السياسة والقدرة على التحليل واتخاذ القرار المناسب للظرف أو
المقام المناسب، تجدهم بعيدين كل البعد عن ذلك بل قد تجد العكس في مواقفهم
أقوالاً وقد تكون أفعالاً ولا شك أن مثل ذلك قد يسبب ضررا قد لا يكون
مقصودا ولكن الأمر قدرات وامكانيات، ولأن الأمر يفوق دائرتهم الضيقة فقد
يلامس ضرره المجتمع بأسره وذلك مالا نبغ.أن يصرّح رئيس أكبر كتلة في
المؤتمر الوطني ضد مصر أكبر دولة جارة شقيقة لنا تربطنا بها علاقة حتمية،
جغرافيةً إسلاميةً عربيةً لا غنى عنها، وحتى لا نزعج البعض نضيف علاقةً
مصلحيةً ؟ ويدعوا المؤتمر الوطني لجلسة طارئة لمناقشة أمر وتصريح خطير ؟ لم
يحدث وليس له أصل، أليس هذا شيء عجاب ؟ فهو كمن يحاول مسك الهواء بيديه
ويضيف أن مصر تبحث عن مصادر تمويل ويصف ذلك بالخطر المحدق بليبيا ؟ كل ذلك
ولا ندري من أين استقى سعادة الرئيس هذا الخبر الذي لا أساس له! فكيف يصرح
رجل درس السياسة ؟ بهذا التصريح وعلى أي أساس بناه؟ فالأمر يتعلق بالعلاقة
مع دولة مهمة بالنسبة لنا، والأمر يبدوا أنه لا يخلوا من أمران أحلاهما
مرُّ ، فالأول هو البحث عن هفوات لخصومه السياسيين “الإخوان” حتى وإن كانوا
خارج الوطن ليحذّر منهم ومن تحالفاتهم الداخلية منها والخارجية ليقول لنا
بأن الإخوان إذا فازوا في الإنتخابات سيسلّمون ليبيا لمصر فاحذروا ؟ “فلا
تكامل اقتصادي ؟ ولا سياسي ؟ ولا مصلحيّ ؟ طالما أتى من الإخوان” ولا يلتفت
ولا يعير اهتماما لمصدر الخبر وصحته من عدمها ؟ لأن ذلك لا يهم ؟ فيالها
من سياسة ! أمّا الإفتراض الثاني هو حرص الرئيس على ليبيا وعدم المساس
بها وهذا لعمري قِصرٌ في الرؤى السياسية للمصالح الوطنية ! إن الخوض في
موضوع مثل هذا وبالطريقة هذه ربما يفتقد صاحبه لأبجديات الحنكة
السياسية ! حتى وإن كان الأمر صحيحا بأن رئيس وزراء مصر صرّح بذلك فما هكذا
تساس الأمور وما هكذا يحمى الوطن ويحافظ عليه ؟! فما بالك بتصريح وردّة
فعل على خبر كاذب ! ويتحفنا رئيس الحكومة الليبية بتصريح عن نفس
الموضوع مستندا على مقال في صحيفة ؟! مستنكرا تصريحا لا وجود له! أهي حنكة
سياسية من الرجلين أم ماذا ؟ ويزيد رئيس وزرائنا بقوله: “أن من قاوم
الإحتلال الإيطالي وسار في مسيرة الجهاد في 17 فبراير لن يقبل المساس بأرضه
من أي جهة كانت”، ويستدعي سفير مصر ليبلغه قلقنا وتخوفنا من تصريح غير
موجود !!!إن مثل هذه التصريحات لا تزيد العلاقات بين الدول والشعوب إلا
تعقيداً وبعداً، ونحن تهمنا مصر والمصريين، فما هكذا يتعامل مع مثل هذه
المواقف أو غيرها، وما هكذا تُحل المسائل بين الدول إن وجدت، وما تلك
بقواعد تُساس به الدول وتُصنع سياساتها.
المنارة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق