السبت، 19 يناير 2013

#ليبيا #أنس_الفيتوري : كابوس تسييس القبيلة وخطره على السلم الاجتماعي

لقد لفت انتباهي قرار القضاء الإداري تأييد حكم النزاهة باستبعاد عضو المؤتمر الوطني عبد ربه يوسف ميكائيل، وتذكرت أن شخصيات من مدينة البيضاء كانت قد ذكرت عقب انتخابات المؤتمر في شهر يوليو الماضي أن تحالفا بين أفراد من قبائل المرابطين في المدينة هو الذي جاء بميكائيل إلى المؤتمر الوطني.
يمكنني اعتبار ما حدث درسا مفيدا لكل من قام بإثارة وتحفيز قبائل المرابطين لدفع أبناءهم لاختيار مرشح تكون القبيلة قنطرته للوصول إلى المؤتمر، و ربما قاموا بذلك من باب حسن النية لكن بالتأكيد سوف يؤثر فعلهم هذا سلبا على المشروع الديمقراطي الذي يحفظ للمجتمع تماسكه عبر تداول للسلطة أساسها خدمة المجتمع.
إن إقحام القبيلة وتوجيه أفرادها لخيارات شيوخها هو أعلى درجات العصبية، أو بالأحرى تنازل عن معيار الكفاءة و الجدراة، بالإضافة إلى إلغاء مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين الذي يتجاوز بنا الاعتبارات غير الموضوعية ومنها بالأساس المعيار القبلي.
إنه ليجدر بنا الاعتراف بأن التراجع عن التحول في ليبيا المتعلق بسلامة العملية الديمقراطية ليثير كثيرا من المخاوف، ولا يمكن أن يرضى العقلاء من أبناء مدينة البيضاء وغيرها بخطاب يأتي كرد فعل نازعا نحو إثارة العصبية القبلية، ولا يمكن التماهي مع دعوة أفراد من قبيلة البراعصة لاستخدام القبلية في الانتخابات القادمة لقطع الطريق على قبائل المرابطين التي تشاركهم العيش والحياة في المدينة.
إن ردة الفعل هذه لهي من باب مقابلة الخطأ بالخطأ، وتعتبر اختلالا كبيرا في مفهوم المدنية والتعايش الاجتماعي وفق قاعدة تساوي الحقوق والواجبات بين المواطنيين، وعلى هذا الأساس يمنح الناخبون أصواتهم لمن يثقون في نزاهته وكفاءته بغض النظر عن القبيلة التي ينتمي إليها.
إذن فقد أفلح العامل القبلي في تمرير بعض المرشحين إلى المؤتمر بسبب قانون الانتخابات، الذي بني على نظام الفردي و الصوت الواحد غير المتحول، والذي سبق وأن استخدمته الأردن بغية ترسيخ القبلية لتظل الأوضاع كما يراد لها أن تبقى.
لقد كانت انتخابات المؤتمر إنجاز ا كبيرا، أثار إعجاب المراقبين للشان الليبي، فقد أشارت التقارير الدولية إلى أن ليبيا خطت خطوات كبيرة نحو ترسيخ الديمقراطية، والحقوق السياسية خلال العام الماضي فيبنغي على المجتمع المساهمة في تعزيزها من خلال حراك مجتمعي واعي يقطع الطريق أمام كافة المحاولات التي تسعى جاهدة في سبيل العودة إلى المربع الأول.
بالإضافة إلى ذلك فإن الأداء المطلوب للمؤتمر والحكومة فيما تبقى لهما من وقت لاشك سيدعم استمرار التحول الديمقراطي في ليبيا، إذا ما جاء أداء المؤتمر منصبا على تحقيق توافق سياسي يضمن صياغة للدستور قاعدتها التوافق المجتمعي، كما أن نجاح الحكومة في تقديم خدمات للمواطن مع مكافحة فساد الحقبة الماضية سيسهم وبفاعلية في التحول الديمقراطي.
من الحقيقي أن العصبيات القبلية و ردود الفعل لا تبني وطنا ولا تؤسس دولة، كما أن الخدمات ومصالح المجتمعات المحلية غالبا ما يصعب على أصحاب النفوذ القبلي تحقيقها، فقد أثبتت التجارب فشلهم وبات الكادحون يرزحون تحت وطأة الفقر ينتظرون رواتبهم على عتبات البنوك، وفي الوقت الذي يتوارى عنهم موظفي المصرف خوفا من إحراجهم بطلبهم السحب من غير رصيد ( على الأحمر).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق