الخميس، 27 ديسمبر 2012

#ليبيا إسماعيل القريتلي : العزل السياسي يؤسس للتغيير الاجتماعي

العزل السياسي لم يكن ليصعد مجددا للسطح لولا محاولات بعض اللاعبين في المشهد السياسي الاستعانة أو إعادة توظيف شخوص من النظام السابق. ومن يتذكر كلمة رئيس الحكومة علي زيدان أمام المؤتمر الوطني العام لحظة تقديم فريقه الحكومي حيث تحدث فيها عن الصعوبات بحسب رأيه التي واجهته في اختيار الوزراء بسبب رفض الشعب لعودة شخوص النظام السابق.
العزل السياسي يجب أن لا يكون اجتثاثا ولا يجوز استنساخ تجربة الاحتلال الأميركي للعراق من خلال قانون الاجتثاث، بل هناك أسماء كثيرة عملت في النظام تستحق العزل ليس لأنها كانت تحمل عضوية اللجان الثورية أو الترويج لأفكار القذافي، بل لأنها عرفت إما بالفساد السياسي، أو الولوغ في المال العام، والكثير منهم عمل في المستوى الأمني في إرهاب الليبيين. ومنهم من تورط في كل ذلك فسرق واستبد وأرهب. هؤلاء من المهم أن يعزلوا عن الحياة السياسية بل الكثير منهم يمكن مقاضاته بجرائم تتعلق بالفساد المالي والإرهاب الأمني.
إن كان ما حدث في ليبيا ثورة اندلعت ضد نظام استبد أربعة عقود، لم يكن استبداده سياسيا فقط بل أقصى مجموعات اجتماعية وتيارات سياسية عن ممارسة حقها في التعبير، بل حتى وجودها كان محاربا في ظل ذلك النظام حيث حاربها بأدوات وشخصو هي ذاتها من يحاول اليوم الالتفاف على الثورة بحجة دمعة سالت أو تصريح تفوهت به. إن كان ذلك كذلك فلابد من العزل السياسي لكل أولئك.
الثورة تتطلب اجتماعيا أن تتغير الوجوه، وسياسيا لا يمكن أن تقود الدولة الجديدة عقول تعلقت بالماضي وعملت لأجله وبررت وجوده بعد أن دافعت عنه فترة شبابها وشاخت وهي تهتف له.
شخصيا أنادي بالمصالحة الوطنية، لكن من ضمن شروطها أن ينعزل من مارس ما ذكرناه آنفا عن الحياة السياسية وله أن يعيش حياته بعيدا عن محاولات الولوج للمشهد السياسي تحت عباءة المصالحة الوطنية التي هي ضرورة لابد منها ولكن بمنطق التغيير الاجتماعي الذي تتطلبه الثورة.
لست بصدد محاولة الجدل بأن تيارا بعينه يجب أن يعزل بل الأمر متعلق بشخوص تنطبق عليهم شروط العزل التي من المتوقع أنها تدور حول العمل مع النظام في منظومة الفساد السياسي والمالي والأمني. لكن محاولة تسيس العزل السياسي بين الخصوم السياسيين قد يخرج لنا قانونا مسخا بغض النظر عن الطرف المنتصر في ما يمكن أن يوصف بالمعركة الدائرة هذه الأيام بشأن العزل.
ما أرجوه أن يعي أعضاء المؤتمر الوطني المسؤولية الوطنية والسياق السياسي والظرف الزمني للثورة الذي يحتم عليهم النظر في الموضوع بعيدا عن التجاذبات الحاصلة بين القوى السياسية بل بالنظر إلى الصالح العام للمجتمع والدولة.
أخيرا إن إقرار العزل السياسي بعيدا عن التسيس سيخرج لنا طاقات كثيرة استبعدتها منظومة النظام السابق المهيمنة بالفساد السياسي والمالي والاستبداد الأمني. لكن يجب الانتباه أن العزل للمتورطين سابقا لا يعني التسامح في اختيار رجالات المرحلة الحالية والقادمة بل لابد من شروط موضوعية للاختيار والتعيين والتوظيف ليس بينها مجرد تاريخ نضالي في معارصة الناظم أو المشاركة في الثورة أو فقدان الأحباب فيها بل الكفاءة وحسن السيرة من الناحية القانونية هما أساسا الاختيار والتعيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق