احتفل الملحن الروسي المعروف روديون شيدرين في 16 ديسمبر/كانون الأول بيوبيله الـ 80. اعمال شيدرين مشهورة في جميع أنحاء العالم وتعزفها أبرز فرق الاوركسترا العالمية. وقد اجرت قناة "روسيا اليوم" مقابلة مع الملحن.
ـ في مؤلفاتك الموسيقية للباليه والاوبرا، لعلك تطرقت أكثر من اي مؤلف موسيقي آخر الى الموضوع الروسي، بما في ذلك أعمال غوغول وتشيخوف ونابوكوف. ومنذ خمس سنوات قلت في العرض الاول لاوبرا "الرحالة المسحور" إن قراءة ليسكوف تسهل معرفة روسيا المعاصرة.. اليوم أي شيء ينبغي قراءته؟
ـ التطرق الى الادب الروسي طبيعي لأنه عالم ثقافتي. وتربيت وترعرت عليها. برأيي توجد في الادب الكلاسيكي الروسي شرائح فكرية غنية! ولا تزال فيه قضايا عديدة خصبة لزملائي في المستقبل. بالطبع أنا أقرأ الادب المعاصر. لكن مجرد فتح مؤلفات بوشكين أو تورغينيف يجلب إلي الراحة والسعادة والفرح. وفيما يخص تراث ليسكوف فهو قريب لي وأعتقد أنه تنبأ بمستقبلنا بدقة بالغة!
ـ ما أهمية رد فعل الجمهور للفنان الحقيقي. ما الذي يحدد ظهور العمل المبدع: انتظار الناس أو قدرة الفنان على قيادتهم وراءه؟
ـ كل يرى ميزة عمله في إمتاع من يبدع من أجله. قبل كل شيء أنا أهتم بالموسيقيين العازفين إذ حين يتأثر أفراد الجوقة والاوكسترا بالموسيقى أشعر انني انتصرت. فيما يخص الجمهور فإن ما يقيم نجاح العمل الموسيقي هو دخوله الى قلوب الجمهور واثارة اهتمامه الفني وعند ذلك يتوقف عن السعال وتبادل الأحاديث الجانبية.
ـ حدثنا كيف تولد الموسيقى في ذهن الملحن. قلت مرة إن الفكرة الموسيقية جاءت اليك حين سقطت سيارتك في حفرة..
ـ تتولد الموسيقى بشكل غريب! مؤخرا سألني عالم نفساني ألماني معروف بشكل محدد عن هذه العملية. ووجدت تشبيها بسيطا للعملية. قلت إن عملية الابتكار مثل عمل الأجهزة. حين تشتغل الأدمغة أربعة وعشرين ساعة من دون توقف. احيانا تعمل بسرعة بالغة واحيانا بشكل بطيء. لكن عملية الابداع لا تتوقف وحتى نبرة الصوت او صوت العصفور تلهمها بمادة ما. ومنذ الطفولة تتراكم الانطباعات عن الالوان والروائح في الذهن.
ـ من بين ابتكاراتك المثيرة، كان تطرقك الى الفولكلور الروسي، الذي كان يعد فنا مبتذلا، وجمعته مع الجاز والموسيقى السيمفونية. من أين هذا الاهتمام بالفولكلور؟
ـ كان والدي من مدينة صغيرة وجدي كان قسيسا. ومنذ طفولتي بعد ذوبان الثلج أخذوني الى هناك. كان ذلك قبل الحرب الوطنية ولم يكن عندنا أي تلفزيون او راديو. والانطباعات الوحيدة كانت انطباعات مسموعة. تشكلت الأجواء الموسيقية للأطفال حينذاك من الاغاني لمن رحل ولمن يودعونه الى الجيش أو من رنين الاجراس. واهتمامي بالفولكلور مبني على تلك الاصوات الساحرة.
ـ ثمة كثير من التجارب في ابداعك ابتداء من "بويتوريا" التي تجمع بين الموسيقى وقراءة الاشعار وصولا الى استخدام صوت الممثل داخل مقطوعة موسيقية. ما أهمية التجارب لك؟
- طوال حياتي تأثرت بكل شيء جديد ومبتكر. واهتممت كثيرا بالحرفة وتقنية تأليف مقطوعة موسيقية ما. كنت جائعا للانطباعات خصيصا أننا عشنا في مناخ موسيقي نباتي إذا يمكن القول. رغم وجود الفنانين المرموقين أو فرق الاوركسترا المبدعة في الاتحاد السوفياتي. كنت فضوليا وهذا ما ساعدني.
ـ والآن بالعكس كل انواع الموسيقى موجودة في الانترنت. لكن لا نلاحظ تدفق الابداع مثلما حدث في الستينيات..
ـ حينذاك فكرنا أن هناك، عند الغربيين، أسرارا عظيمة وأن معرفتها ستفتح آفاقا مثيرة جديدة. وهو ما كان أمرا خاطئا. اما اليوم فنعيش في أجواء فرض الاصوات قسرا.
ـ فيما يخص تأليف"كارمن سويتا". كيف قررت التنافس مع صورة موسيقية شهيرة وضعها بيزيه؟
ـ كل عمل له تاريخ. تحدثنا مرارا عن قصة "كارمن" إذ كانت عند زوجتي مايا بليسيتسكايا فكرة أن ترقص كارمن بشكل جديد ، لكن جميع الملحنين رفضوا العمل عليها خوفا من بيزيه. وحين أتى كوريوغراف كوبي الى مسرح البولشوي وكان في حاجة الى موسيقى جديدة له، قررت العودة الى هذه الفكرة وقمت على أساس موسيقى بيزيه بتأليف مقطوعات تؤديها آلالات الضاربة والوترية فقط ومن دون آلات النفخ.
ـ عشاق الموسيقى سيكونون هذه الأيام على موعد مع المهرجان المكرس لابداعك. ما هي مساهمتك في البرنامج؟
ـ لم أشارك في تنظيم البرنامج. انه مبادرة من قبل زملائي الموسيقيين بليتنيوف وغيرغييف ويوروفسكي. هذا المهرجان يسعدني كثيرا. اقترحت عليهم بعض المقطوعات التي لم تعزف في روسيا بعد وهم قرروا إدخال أبرز مؤلفاتي خلال السنوات الماضية ايضا.
ـ أعتقد أنه سيكون من الممتع لكل مشاهد أينما حل أن يسمع منك عن سر التعايش السعيد بين شخصين موهوبين. ما وصفة الحياة العائلية السعيدة؟ حدثنا عن سركما!
ـ لا توجد أسرار. نحن نتوافق مع بعضنا البعض في جميع الابعاد. إنه قرار ربنا تعالى. لا توجد أي وصفات، بل إنها العواطف. لا نمل من أحدنا الآخر، ونفهم بعضنا ونهتم بما يقوم به الآخر. نشعر بالدفء والراحة معا. إبحثوا وستجدون!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق